كَفاني شَكوى أَن أَرى المَجدَ شاكِيا .. ابن خفاجه
عبدالرحمن ريماوي
9 شتنبر، 2019
شعر من التاريخ
484 Views
كَفاني شَكوى أَن أَرى المَجدَ شاكِيا
وَحَسبُ الرَزايا أَن تَراني باكِيا
أُداري فُؤاداً يَصدَعُ الصَدرَ زَفرَةً
وَرَجعَ أَنينٍ يَحلُبُ الدَمعَ ساجِيا
وَكَيفَ أُوارى مِن أُوارٍ وَجَدتُني
لَهُ صادِراً عَن مَنهَلِ الماءِ صادِيا
وَها أَنا تَلقاني اللَيالي بِمِلئِها
خُطوباً وَأَلقى بِالعَويلِ اللَيالِيا
وَتَطوي عَلى وَخزِ الأَشافي جَوانِحي
تَوالي رَزايا لا تَرى الدَمعَ شافِيا
ضَمانٌ عَلَيها أَن تَرى القَلبَ خافِقاً
طِوالَ اللَيالي أَو تَرى الطَرفَ دامِيا
وَإِنَّ صَفاءَ الوُدِّ وَالعَهدُ بَينَنا
لِيَكرَهُ لي أَن أَشرَبَ الماءَ صافِيا
وَكَم قَد لَحَتني العاذِلاتُ جَهالَةً
وَيَأبى المُعَنّى أَن يُطيعَ اللَواحِيا
فَقُلتُ لَها إِنَّ البُكاءَ لَراحَةٌ
بِهِ يَشتَفي مَن ظَنَّ أَن لا تَلاقِيا
أَلا إِنَّ دَهراً قَد تَقاضى شَبيبَتي
وَصَحبي لَدَهرٌ قَد تَقاضى المَرازِيا
وَقَد كُنتُ أُهدي المَدحَ وَالدارُ غُربَةٌ
فَكَيفَ بِإِهدائي إِلَيهِ المَراثِيا
أَأَحبابَنا بِالعَدوَتَينِ صَمَمتُمُ
بِحُكمِ اللَيالي أَن تُجيبوا المُنادِيا
فَقَيَّدتُ مِن شَكوى وَأَطلَقتُ عَبرَتي
وَخَفَّضتُ مِن صَوتي هُنالِكَ شاكِيا
وَأَكبَرتُ خَطباً أَن أَرى الصَبرَ بالِياً
وَراءَ ظَلامِ اللَيلِ وَالنَجمَ ثاوِيا
وَإِن عُطِّلَ النادي بِهِ مِن حِلاكُمُ
وَكانَ عَلى عَهدِ التَفاوُضِ حالِيا
وَما كانَ أَحلى مُقتَضى ذَلِكَ الجَنى
وَأحسَنَ هاتيكَ المَرامي مَرامِيا
وَأَندى مُحَيّا ذَلِكَ العَصرِ مَطلَعاً
وَأَكرَمَ نادي ذَلِكَ الصَحبِ نادِيا
زَمانٌ تَوَلّى بِالمَحاسِنِ عاطِرٌ
تَكادُ لَياليهِ تَسيلُ غَوالِيا
تَقَضّى وَأَلقى بَينَ جَنبَيَّ لَوعَةً
أُباكي بِها أُخرى اللَيالي البَواكِيا
كَأَنّي لَم أَنسَ إِلى اللَهوِ لَيلَةً
وَلَم أَتَصَفَّح صَفحَةَ الدَهرِ راضِيا
وَلَم أَتَلَقَّ الريحَ تَندى عَلى الحَشى
شَذاءً وَلَم أَطرَب إِلى الطَيرِ شادِيا
وَكانَت تَحايانا عَلى القُربِ وَالنَوى
تَطيبُ عَلى مَرِّ اللَيالي تَعاطِيا
فَهَل مِن لِقاءٍ مُعرِضٍ أَو تَحِيَّةٍ
مَعَ الرَكبِ يَغشى أَو مَعَ الطَيفِ سارِيا
فَها أَنا وَالأَرزاءُ تَقرَعُ مَروَةً
بِصَدري وَقَلباً بَينَ جَنبَيَّ حانِيا
أَحِنُّ إِذا ماعَسعَسَ اللَيلُ حِنَّةً
تُذيبُ الحَوايا أَو تَفُضَّ التَراقِيا
وَأُرخِصُ أَعلاقَ الدُموعِ صَبابَةً
وَعَهدي بِأَعلاقِ الدُموعِ غَوالِيا
فَما بِنتُ أَيكٍ بِالعَراءِ مُرِنَّةٌ
تُنادي هَديلاً قَد أَضَلَّتهُ نائِيا
وَتَندُبُ عَهداً قَد تَقَضّى بِرامَةٍ
وَوَكراً بِأَكنافِ المُشَقَّرِ خالِيا
بِأَخفَقَ أَحشاءً وَأَنبا حَشِيَّةً
وَأَضرَمَ أَنفاساً وَأَندى مَآقِيا
فَهَل قائِلٌ عَنّي لِوادٍ بِذي الغَضا
تَأَرَّج مَعَ الأَمساءِ حُيّيتَ وادِيا
وَعَلِّل بِرَيّا الرَندِ نَفساً عَليلَةً
مَعَ الصُبحِ يَندى أَو مَعَ اللَيلِ هادِيا
فَكَم شاقَني مِن مَنظَرٍ فيكَ رائِقٍ
هَزَزتُ لَهُ مِن مِعطَفِ السُكرِ صاحِيا
وَضاحَكَني ثَغرُ الأَقاحِ وَمَبسِمٌ
فَلَم أَدرِ أَيُّ بانَ ثُمَّ أَقاحِيا
وَدونَ حِلى تِلكَ الشَبيبَةِ شَبيبَةٌ
جَلَبتُ بِها غَمّاً وَلَم أَكُ خالِيا
وَإِنَّ أَجَدَّ الوَجدِ وَجدٌ بِأَشمَطٍ
تَلَدَّدَ يَستَقري الرُسومَ الخَوالِيا
وَتَهفو صَبا نَجدٍ بِهِ طيبَ نَفحَةٍ
فَيَلقى صَبا نَجدٍ بِما كانَ لاقِيا
فَقُل لِلَّيالي الخيفِ هَل مِن مُعَرِّجٍ
عَلَينا وَلَو طَيفاً سُقيتَ لَيالِيا
وَرَدِّد بِهاتيكَ الأَباطِحِ وَالرُبى
تَحِيَّةَ صَبٍّ لَيسَ يَرجو التَلاقِيا
فَما أَستَسيغُ الماءَ يَعذُبُ ظامِئاً
وَلا أَستَطيبُ الظِلَّ يَبرُدُ ضاحِيا
وَلَولا أَمانٍ عَلَّلَتني عَلى النَوى
بِلُقيا اِبنِ زَهرٍ ماعَرَفتُ الأَمانِيا
أَخو المَجدِ لَم يَعدُل عَنِ النَجدِ نازِلاً
بِأَرضٍ وَلَم يَشمَخ مَعَ العِزِّ ثاوِيا
تَلوذُ بِرُكنَي حالِقٍ مِنهُ شاهِقٍ
فَتَغشى كَريماً حامِلاً عَنكَ حامِيا
يُساجِلُ طَوراً كَفُّهُ الغَيثَ غادِياً
وَيَحمِلُ طَوراً دِرعُهُ اللَيثَ عادِيا
وَتَبأى العُلى مِنهُ بِأَبيَضَ ماجِدٍ
يُجَرِّدُ دونَ المَجدِ أَبيَضَ ماضِيا
وَيَحطِمُهُ مابَينَ دِرعٍ وَمِغفَرٍ
وَإِن كانَ عَضبَ الشَفرَتَينِ يَمانِيا
شَريفٌ لِآباءٍ نَمَتهُ شَريفَةٍ
يَطولُ العَوالي بَسطَةً وَالمَعالِيا
يُسابِقُ أَنفاسَ الرِياحِ سَماحَةً
وَيَحمِلُ أَوضاحَ الصَباحِ مَساعِيا
إِذا نَحنُ أَثنَينا عَلَيها وَجَدتُنا
نُحَلّي صُدوراً لِلعُلى وَهَوادِيا
كَفى قَومَهُ عَلياءَ أَن كانَ غايَةً
لَهُم وَكَفاهُ أَن يَكونوا مَبادِيا
تَبَوَّأَ مِن رَسمِ الوِزارَةِ رُتبَةً
تَمَنّى مَراقيها النُجومُ مَراقِيا
وَأَحرَزَ في أُخرى اللَيالي فَضائِلاً
تُعَدُّ عَلى حُكمِ المَعالي أَوالِيا
مَكارِمُ نَستَضحي بِها مِن مُلِمَّةٍ
تَنوبُ وَنَستَسقي الغَمامَ غَوادِيا
لَقيتُ بِهِ وَاللَيلُ رائِشُ نَبلِهِ
أَخا فَهمٍ لايُخطِئُ الرَأيَ رامِيا
وَأَروَعَ يَندى لِلطَلاقَةِ صَفحَةً
وَيَقدَحُ زَنداً لِلنَباهَةِ وارِيا
فَيَجمَعُ بَينَ الماءِ أَبيَضَ سَلسَلاً
يَسُحُّ وَبَينَ الجَمرِ أَحمَرَ حامِيا
أَحِنُّ إِلَيهِ حَنَّةَ النيبِ هَجَّرَت
وَقَد ذَكَرَت ماءَ العُضاهِ صَوادِيا
فَيا أَيُّها النائي مَعَ النَجمِ هِمَّةً
وَمَرقى خِلالٍ في الوَزارَةِ سامِيا
تَرى فَرقَدَ اللَيلِ السُرى مِنهُ ثالِثاً
وَتَرعى بِهِ بَدَر الدُجُنَّةِ ثانِيا
حَنانَيكَ في ناءٍ شَكا مَسَّ لَوعَةٍ
فَسَفَّرَ مِن شَوقٍ إِلَيكَ القَوافِيا
وَحَيّا بِها أَذكى مِنَ الرَوضِ نَفحَةً
وَأَرهَفَ مِن لَدنِ النَسيمِ حَواشِيا
وَقَد نَدَبَت مِن حَيثُ لَم أَدرِ رُقعَةً
أُنَمِّقُ أَم دَمعاً أُرَقرِقُ جارِيا
وَإِنَّكَ لِلعَذبُ الفُراتُ عَلى الصَدى
وَإِن بِنتَ وَالبَرُّ الكَريمُ أَيادِيا
شَقيقُ النَدى وَاِبنُ النُهى وَأَبو العُلا
وَحَسبُكَ بَيتاً في المَكارِمِ عالِيا
Like this:
Like Loading...
Related