قصيدة بيان عسكري – شعر تميم البرغوثي

 

قصيدة بيان عسكري

 شعر تميم البرغوثي

إذا اعتاد الطغاة على الهوانِ فذكّرهم بأن الموت دانِ

ومن صدفٍ بقاء المرء حياً على مر الدقائق والثواني

وجثة طفلةٍ بممر مشفىً تمدد بين سبعٍ أو ثمانِ

على برد البلاط بلا سريرٍ وإلا تحت أنقاض المباني

أتاها الموت قبل الخوف منه وكانا نحوها يتسابقانِ

ولو خيّرت بينهما كريماً فإن الخوف يخسر في الرهانِ

يقول لك المجرّب كل حربٍ لها طرفان دوماً خائفانِ

 وخوف المرء يدفعه أماماً فيظهر كالشجاعة للعيانِ

 ترى الجيشين من خوف المنايا عليها يقدمانِ ويحجمانِ

بكل حديدة طنّت ورنّت وكل سخافة يتسلّحانِ

فمالكِ يا بنيّة لم تخافي ولم تثقي بنصلٍ أو سنانِ

كأنكِ قلتِ لي يا بنتُ شيئاً عزيزاً لا يفسّرُ باللسانِ

عن الدنيا وما فيها وعني وعن معنى المخافةِ والأمانِ

فديتك آية نزلت حديثاً نذيراً للبريء وللمدانِ

قد امتحنوا بها عشرين جيشاً وفازت وحدها في الامتحانِ

فنادِ المانعين الخبز عنها ومن سمحوا به بعد الأوانِ

وهنّئهم بفرعونٍ سمينٍ كثير الجند معمور المغاني

له لا للبرايا النيلُ يجري له البستان والثمرُ الداوني

 وقل لمفرّق البحرين مهما حجرتَ عليهما فسيرجعانِ

نحاصرُ من أخٍ أو من عدوٌّ سنغلبُ وحدنا وسيندمانِ

 سنغلبُ والذي جعل المنايا بها أنفٌ من الرجل الجبانِ

بقيّةُ كل سيف كثّرتنا منايانا على مر الزمانِ

كأن الموتَ قابلةٌ عجوزٌ تزور الحي من آنٍ لآنِ

 نموت فيكثرُ الأشراف فينا وتختلطُ التعازي بالتهاني

كأنّ الحرب للأشراف أمٌ مشّبهة القساوة بالحنانِ

لذلك ليس تُذكرُ في المراثي كثيراً وهي تُذكرُ في الأغاني

سنغلبُ والذي رفعَ الضحايا من الأنقاض رأساً للجنانِ

رماديون كالأنقاض شعثٌ تحددهم خيوطُ الأرجوانِ

 يد ليدٍ تسلمهم فتبدو سماءُ الله تلمسها اليدانِ

 يد ليدٍ كمعراج طويلٍ إلى باب الكريم المستعانِ

 يد ليدٍ وتحت القصف فاقرأ هنالك ما تشاء من المعاني

صلاةُ جماعةٍ في شبرِ أرضٍ وطائرةٌ تحوّم في المكانِ

تنادي ذلك الجمعَ المصلّي لكَ الويلات مالكَ لا تراني

 فيمعنُ في تجاهلها فترمي حمولتها وتغرقُ في الدخانِ

 وتقلعُ عن تشهّد من يصلي وعن شرف جديدٍ في الأذانِ

نقاتلهم على عطشٍ وجوعٍ وخذلان الأقاصي والأداني

 نقاتلهم وظلم بني أبينا نعانيه كأنّا لا نعاني

 نقاتلهم كأن اليوم يوم أخير ما له في الدهر ثانِ

بأيدينا لهذا الليل صبحٌ وشمسٌ ما يفرُّ من البنانِ

بيانٌ عسكري فاقرأوه فقد ختم النبي على البيانِ

—–
إذاعة سقيفة المواسم الألكترونية 

About Abdulrahman AlRimawi

Check Also

يا نخلةً في مروج الريف تعرفني – هاجر عمر

يا نخلةً في مروج الريف تعرفني قولي لهم إنني أنأى عن المدنِ ففي شوارعها زيفٌ يلوذ به خوفٌ،وفي بحرها موجٌ من الفتنِ

%d bloggers like this: