عجوز يتحدى التتار

الرجل الذي أفاق للتو / ماجدة الريماوي


الرجل الذي أفاق للتو.تلمس رموشهُ وقد”تندَّت”بدمع,كوردة تفتحت تغسلها قطرات ندىً ذات صباح ربيعي جميل.نفذت حزمةٌ من أشعة شمس الصباح من نافذة غرفة نومه.راح يحصي الأشعة ويسمي كلاًّ منها باسمٍ من أسماءِ نساءِ العشق العذري ,في تاريخ الحب, كان أَطلقها كلها على حبيبته الوحيدة. لم ينهض من سريره,وظل يعدكلَّ شعاعٍ ويسمه بواحد من أَسمائها.تجمعت على محيَّاهُ أَنوارٌ , جعلته يحس بدِفْءٍ لا مثيل له , وحوله تحلَّقت بصورها ,أَطهر وأَعفُّ إنسانةٍ عرفها في حياته المديدة.استلقى على جانبه الأيسر . أَسند رأسه المثقل بهمومها , فوق وسادتين مطرزتين باسمها بخيوط زاهية الأَلوان, حوَّلت حزنهُ إلى ابتسامةِ فرحٍ .فقد علَّمته أَن يتجمل بها أَبداً.يتخطى كل مصاعب الحياة . كان رفع رأسهُ , وتوسَّد بكفه أَقصى طرفٍ من خدِّهِ الأيسر . وبينما هو “سارحٌ”,يتأَمَّلُ ليلته الأخيرةَ معها,انهمرت دموعه من عينه.سالت على منتصف وجنته غزيرةْ.صوتها يواسيه.حديثها يؤْنسه.رسمت لوحاتٍ بهية من الفرح,توجتها بقوس قزح.كان يعرف أنها حزينةً تبكيه.يدافع عنه قلبها.احتملتْ كلَّ عذابات المقهورين, تحتفظ بحبه.تحب لأنها تحب.هي هي, لم تتغير مذ عرفتهُ, ولن تتغير قالت. مرَّ من أمامه نعشهْ.تحمله ست من ملائكة الرحمة,يغرسن ستة أعلام وطنية عليه.كم يليق بهن الأبيض.تتابع بعينيها “النعش” المجلل بألوان العلم. حاولت اللحاق به تلقي نظرة الوداع على وجهه,فلم تستطع.البنات يسرن بقدرة الرب مثل الضوء. وفجأةً كعادته في حياته, يفاجؤُها من داخل “نعشه”.تراهُ يرفع هامته. وبهدوئه الذي عهدته ,يقول _وقد انفرجت شفتاهُ عن ابتسامةٍ كانت تحب أن تراها على ثغره كلما التقته اهدئي وكفكفي الدمع حبيبتي.علا صوتها بنحيب زلزل بصداه آذان من سمعه.تحب لأنها تحب. وتبكي لأنها تحب. من قلبه من حجارة الوديان وصخور النحور لا يبكي أحدا.كثيرا ما كان يسألها عن سر ظهور الشعلة وسر اختفائها.كانت ترى في سؤاله فلسفة عميقة عن الكون كله.تتذكر كل ما كان يقصه عليها من حكايات بهيجة,وشروحات مفيدة . كانت تضحك وهو يطلب منها أن تجيب على بعض أسئلته:”من أين أتت النار ألى فتيل الشمعة وإلى أين ذهبت عندما نفخ عليها فانطفأَتْ”.هو هو !!. لم يتغير من ذاك اليوم الذي التقاها فيه, قال لها:”أنا,أنا لم ولن أتغير”.طرأَ على بالها وهي تتخيل عينيه السوداوين الواسعتين , ورمشه الكحيل,سؤاله عن الحياة:”من أين أتت وإلى أين تنتهي.وهل من معنىً لها”.بداية ببكاء وعويل ونهاية بعذاب والآم صراع بين الموت والحياة.وما هو سر اختفاء الروح وما سر دخولها الجسد. تماما كنار الشعلة.دموعه الحارة المالحة ,تتدفق على خده ,فلا تتوقف. يحب لأنه يحب. ويبكي لأنه يحب.روحان والتقتا.وقلبان كبيران وأحبا وعشقا.نهران صافيان يصبان في محيط الحياة.حياة الغير .تجلس على عتبة دارها الجديدة وحيدة. في يدها كتاب بللته دموعها الحرَّى.تبكي وتبكي كما لم تبك في حياتها,حتى على أقرب الناس ألى قلبها.هو اسم يتلاشى بطيبة قلبه تحت اسم على الغلاف وصورة حملها بين طيات الكتب وفي حنايا القلب.تقرأُ وتقلب الصفحات وتبكي.هذا هو حبيبها وحامي نارها المقدسة وحامل معه الى اللحد أسرارها. ماذا سأقول قالت ببراءَة الطهر.وتركته يبكي جملتها حتى الصباح.
——————————————————-
ماجده الريماوي
٣١-٥-٢٠٢٠

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

 زفة عريس – اكرام اسطى

زفة عريس بيت حليمه الليله ما انطفت انواره, مهو بيت عريس وبيت العريس بيبقى مثل المناره بوسط البلد , وكل الحبايب بتلفي تاتهني وتبارك وبالفرحه تشارك واليوم الحبايب بدهم يزفوا العزيز ابن

%d bloggers like this: