جريدة وإذاعة سقيفة المواسم الثقافية ثقافية ، اجتماعية ، فنية
أيها الموت تمهل !
شعر: دنياس عليلة/ تونس
الصدى واحد
حين تتصدع جدران الكون و ينكسر المدى
الصدى حياة تنأى
إنتظار للقيامة
و أشلاء مدينة…
الصدى صهوة وحوش تصحو في صرختنا
و تركض بنا إلى قعر الهاوية
الطيور الجريحة المعلقة
بسماء سورية أو تركية
تطير داخلنا
تحلق بفضاء واحد مكسور
تفتح الأفق إلى طرف السماء
تمدد الصدى
تملؤه غيما ملبدا بالردى لتعبره و تعبرنا…
الأرض واحدة
و كلنا نتساقط من شرفاتها جرحا جرحا..
نرى أنفسنا هنا وهناك
نرى ظلنا المشرد المثقل برائحة الموت خلف
ذاك المكان الذي رحل من المكان…
حجر الركام يسيل بدمائنا
الأصوات المنذورة للريح تنهمر بعروقنا
قصور الرمل المتهاوية دفنت بأعيننا
قافلة من الجثث قدمت إلينا
في غفلة من عيون الدول
الأرض تنزف …تسكنها الحمى
يتصبب عرقها في مهجتنا…
يا من تطلّون من الشرفات البعيدة
على الحياة فينا
إنها ليست فينا و لسنا فيها!
متنا من الحلم و الحلم مات فينا..!
نحن سبقناكم إلى الموت
و عدنا من حيث متنا
لنموت معا…
غبار المقابر هب على نوافذنا
الرعب قطف زنابقنا…
تضيق الأرض
ترجمنا الجدران
حين ينفجر اليأس فينا
لا طريق يؤدي إلى بيوتنا
إذا تكسر زجاج العربات التي تحمل عناويننا…
لا طريق تؤدي إلينا
إذا أوقعتنا حلكة الشوارع في هوة اللامعنى…
ماضينا مهشم ..حاضرنا شظايا فكرة
و مستقبلنا ما تبقى من فتات وهم سعيد…
كل شيء فينا قابل للإنكسار آيل للسقوط
أشجار حدائقنا…فضة الماء على أصابعنا
سيف دوّنّا فوقه أسماء قتلانا
حجر سمرنا فوقه قصائدا و أناشيدا…
قلوبنا فتات و بوسعها أن تنكسر أكثر
و تسقط أكثر… !
بإسم صداقة الدجى ذبحنا طفولة النهار
إرضاء للغيم العابس
نسجنا سماء جديدة من حرير النساء !
بلادنا إنكسار
بلادنا سقوط
بلادنا ظلام
القدر يسدد آخر خطواته صوب باب النهاية
فوق كل خطوة جثة مضيئة مكللة ببداية لم تبدأ بعد..
لا وصية لضحايانا غير تحية مكسورة للوطن
و خطوة نهمة إلى أبيض الأبد…
تمهل أيها القدر
دعنا نرمم الموت بالحياة
في عزلة عن الدجى
اترك لنا حيزا للوداع الأخير
و محاولة أخيرة
لنوحد الأرض العنيدة
خارج دائرة الخراب…
تمهل أيها الموت
إننا نخشى أن تخيم أوطاننا في خطاك
فلا تُنصب لنا خيمة عزاء
تليق بأرواحنا الصاعدة إلى السماء حلما حلما…
تمهل لنهرب قليلا من الكلام
الذي يتكرر فينا
و نحط على حكمة تحرر السجين فينا
قد آن للسجناء أن يلمسوا الشمس و القمر في شوارع الله..
قد آن للشهداء أن يسمعوا حفيف الله في كلامنا
فيمشون واثقي الخطى إلى موتهم…
دنياس عليلة / تونس
10 فيفري 2023
