يا موسى لا تلق عصاك – حيدر محمود
هذا زمنُ السحْرِ . .
يكفي أنْ تُغلقَ عينيك
لتعرفَ أنَّ دماغَك في قدميك . .
وأنَّ الأرضَ تقومُ على كتفيك . .
فإذا ما حرّكتَ يديْك لتشعل سيجارة
هاجتْ كلُّ الحيتان . .
ونادت . .
يا موسى لا تلقِ بعصاك البحرَ . .
فلن ينشقَّ، ولن ينتفضَ الطوفان . .
لا تلقِ عصاك . .
لئلاّ تلقفَها الحيات !
قل يا ألله
لا تسألْ كيف يصير شعاعُ البدرِ
أحذيةً لبناتِ الليل
تصيرُ خيوطُ الشمس
جواربَ للمنزلقات !
لا تفتحْ فمَك إذا ما نادى سهران
لصلاة الفجر
هذا زمنٌ لا يرحمْ . .
فاسكتْ . . تسلمْ . .
أغمضْ عينيكَ إذا ما هربتْ أمُّك
يوماً من حضنِ أبيك . .
أو جدُّك راحَ يغازلُ زوجَ أخيك !
لا تقلقْ لو وضعوا في السجنِ السجان
وإذا يوماً أحيتْ ليلةَ عرسي جوقةُ غِربان . .
هذا زمنٌ يهربُ فيه القطُّ من الفئران . .
أغلقْ أبوابَ البيتِ عليك . .
لا تحملْ همّاً عن إنسان
ماتت أمس امرأةٌ بالسمِّ
لأن المرأةَ ثرثارة . .
قالت صحفُ اليوم . .
سعرُ البندورة أغلى من سعرِ اللحم . .
قالت أيضاً
سقطت في غارةِ أمس طيارة
قَتل الراعي الطيار ..
لا تعجبْ . .
من حقِّ الراعي أن يقتل كلَّ الأعداء . .
سيُقام الليلةَ حفلٌ ساهر . .
وسيُعطَى الريعُ . . لأبناءِ الشهداء.
قل يا ألله !
إذا ما غنّتْ ماجنةٌ لفلسطين
أو هتفتْ:
فليحيا الثوار !
هذا زمنٌ لا يرحمْ
فاسكتْ تسلمْ