نساء في مهب الريح .. مريم طه

بين جدران رمادية وعلى كرسي في زاوية الحجرة ،تجلس سيدة في العقد السبعين من عمرها كنيتها أم عمر. وجه أبيض علامات الكبر وأثار الشقاء ترتسم وجهها عيون صغيرة غائرة في وجهها ترتدي منديل أبيض قصير ، وتحمل بيدها مسبحة خرزات كبيرة يميل لونها إلى البيج، تتمتم مع نفسها قال: جهزي حقائبك ، لا تنسي أي شيئ من أغراضك المهمة والأدوية، سأخذك في رحلة وربما تكون طويلة جدا أحضرني إلى هنا .يومان تعيد نفس الجملة ،النساء حولها يتحدثن معها ا صبري لا حول ولا قوة إلا بالله،ربنا يهونها علينا، وهي تنظر إليهن دون أن تتفوه بأي كلمة تك تك الجميع التفت إلى الباب ، قالت إحداهن :هذه أم عصام ، فهي معروفة بمشيتها السريعة وصوت عكازتها القت تحية السلام ثم نظرت إليهن وحداة وحداة استقرت نظراتها على أم عمر قالت: مرحبا بك يبدو عندنا ضيفة جديدة .أم عصام في العقد الثمانين من عمرها سمراء مليانة القوام فارعة الطول ،خفيفة الظل ،تدخل الفرح والسكينة في القلوب صابرة، جلست بجانب أم عمر أمسكت يدها وقالت :نحن الآن عائلتك. ، كلنا أخوات لا تترددي اذا احتجت أي شيء أ عرفك على عائلتك الجديدة ،هذه القصيرة أم حسين والسمينة أم رباح وهذه سيدة الطعام الجميلة أم صبحي أما أنا الأميرة أم عصام قالت هذا من باب الدعابة لتدخل الفرح على قلب أم عمر ضحكن سوا وشاركتهم أم عمر في ابتسامة خفيفة تحمل الحزن، أيام قليلة وبدأت أم عمر تتأقلم مع النساء وتتبادل الضحكات معهن ، مسكت يدها أم عصام وقالت أعلم لما أنت حزينة تريدين عريس أبو رأفت سائق الباص يبحث عن عروس هل توافقين ضحكت أم عمر وقهقهت النساء وتغامزنا ،نعم هكذا نريدك دوما لا تجعلي الشجن يكتسح قلبك قالت لها أم حسين ذلك.، نهضت أم عصام وقالت: الساعة الثانية ظهراً موعد الغداء ،هيا إلى قاعة الطعام ، تعتبر نفسها القائدة و الجميع يسمع كلامها دون تذمر، بما أنها تدخل جو من الفرح والجميع يحبها ،جلسن حول مائدة الطعام وكل واحدة أخذت مكانها ، تناولن الطعام وهو عبارة عن( قطع من الدجاج المحمر- كبسة-سلطة) عندما انتهين من تناول الطعام بقيت أم رباح تتناول الطعام بشراهة يشرن إليها ويضحكن ولا تبالي لأحد عندما انتهت وافرغت طبق الأرز قالت لها ام عصام بنبرة قوية : كفى ارحمي معدتك قليلاً قالت أم رباح وهي تضحك: معدتي كنزي الثمين يجب أن أدللها رجعن إلى غرفة الجلوس أمسكت أ م حسين السنارة وبدأت تكمل نسج البلوزة وأم عمر مسكت المسبحة وبدأت بالإستغفار، جلست أم عصام بجانبها قالت لها :لم تحدثينا عنك بعد ،من أحضرك إلى هنا ولم، أفرغ قلبك من حمولته حتى ترتاحي تغرغرت عيناها بالدموع وقالت:حسبي الله ونعم الوكيل جميعهن رددن حسبي الله ونعم الوكيل، وكأنها فتحت جراحهن الغائرة في قلوبهن،عم الهدوء دقيقة قالت أم عصام أنا لم يسبق لي الزواج بعد وفاة والديّ أقنعني أخي الكبير ببيع البيت وأعيش مع أسرته وافقت لأني أخشى الوحدة و كأنها غول تنهشني، وزع أخي التركة بما يرضي الله ، لي أختان في فلسطين واخ في أمريكا، كنت أساعدها في أعمال المنزل وتربية الأولاد، لما توفي أخي طردتني وأولادها من البيت بعد ما كنت أمهم الثانية ، سهرت عليهم في مرضهم ، أعطيتهم حنان أكثر من والدتهم إلا حملت بهم، لكن الشيطان ملعون، بكت بحرقة، مسكت منديل وصارت تمسح دموعها،أم حسين صارت تتأفف على الزمن قالت : بعد وفاة أبو حسين باع الأولاد المنزل والمحلات وزعوا الإرث ، أقمت عند كل واحد أسبوع لكن زوجاتهم .. صمتت ثم قالت يا حسرة قلبى أربع أبناء لم أجد من يضمني في بيته اتفقوا جميعا أن يحضروني إلى هنا ،حسبي الله ونعم الوكيل أم صبحي قالت لم يتبق في الدنيا خير ، أنا أولاد زوجي نكرو كل المعروف الذي قمت به ، حتى لم أتمتع بحياتي كأي عروس لأجلهم تزوجني والدهم وكان لديه ثلاث من الأولاد، وابنتان، من البداية تعب وشقاء ، حتى دخلو الجامعات وقمت بتزويجهم وبعد وفاة والدهم ، قامو بطردي من المنزل، ولم يعطوني أية شيئ من حقي،نظرت إليهن أم رباح قالت لم يتبق إلا أنا أسرد قصتي لأم عمر، تزوج أبي بعد وفاة أمي بشهر، كان عمري عشرين سنة، والدي كتب كل شيء لزوجته ، أقنعته الحرباء ،و لم يزوجني أبي لأجلها حتى أقوم بخدمتها، هرمنا خسرت عمري ومال أبي أخذته زوجته وأهلها نظرت إلى الأرض، ثم صوبن نظرهن إلى أم عمر قالت أم عصام:أريت كيف نحن نتشابة بأوجاعنا ،الآن جاء دورك تنفست الصعداء أم عمر قالت :مات زوجي وأنا في سن الرابعة والعشرون، لم يمضي على زواجنا سوى عامان ، كنت حامل بعمر في الشهر الرابع ، بعد أن وضعت عمر وصار عمره سنتان جاءتني عدة فرص للزواج، لكني رفضت لأجل عمر، عملت في محل حلويات عدة سنوات ، لم أحرم عمر من أي شيء جميع طلباته مجابه،ادخرت بعض من المال واشتريت شقة ،سجلت عمر في الجامعة التخصص الذي اختارة صيدلة تعرف على مادلين زوجته كانت معه بنفس الكلية بعد التخرج طلب أخطبها له بصراحة أنا لم أحبها منذ البداية ، رأيت فيها الغرور والتكبر والعجرفة قلت يا بني هذه لم تناسبك زوجة لكنه ثار وقال اذا لم اتزوج مادلين لن أتزوج ابد، رذخت له ،أنا لا يهمني الا سعادته طلب مني أن يقيموا عندي في المنزل طبعا وافقت وبكل سرور حتى لا يبتعد عني وسجلت الشقة باسمه هدية زواجه، كانت تعاملني.بقسوة. وبدون احترام. طبعا لم أخبر عمر بأي شيئ لا أريد أية مشاكل بسببي.خلال خمس سنوات انجبت سارة وميادة ومراد كانت مادلين وعمر يعملو في الصيدلية ويعودوإلى البيت بعد العصر كنت أنا أقوم بتنظيف البيت واعداد الطعام وتربية الأولاد تأتي وكأنها ضيفة فندق خمسة نجوم وأنا صابرة حتى عمر لم يهتم لهذا الأمر سنين وأنا على هالحال ،ولا أتفوة بأي كلمة هرمت واكتسحت الأمراض جسدي ضغط وسكر لم أستطع القيام بأي عمل ، صارت زوجته كل يوم تتذمر لوجودي معهم وأنها غير قادرة على تقديم المساعدة لي ذات صبيحة استيقظ عمر وقال لي : جهزي أغراضك نريد أن نسافر، أنا صدقته اعتقدت سيأخذني معة في رحلة عمل إلى الخارج وسيفاجئني وأنه سيعوضني عن سنين التعب، فرحت كثيرا من قلبي لكن أحضرني إلى هنا اجهشت بالبكاء وقالت :لا أستطيع أدعو على إبني فقط أقول الله يهديكم كنت أتمنى أحمل صورته معي كلمااشتقت له أنظر إلى الصورة أتحسسها وأقبله .نظرت أم عصام إلى الساعة ثم قالت هيا هيا سيفوتنا موعد العشاء وإلا ستأكلنا أم رباح ضحكن بهدوء وفي قلب كل واحدة حكاية تنزف دما .

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

 زفة عريس – اكرام اسطى

زفة عريس بيت حليمه الليله ما انطفت انواره, مهو بيت عريس وبيت العريس بيبقى مثل المناره بوسط البلد , وكل الحبايب بتلفي تاتهني وتبارك وبالفرحه تشارك واليوم الحبايب بدهم يزفوا العزيز ابن

%d bloggers like this: