لُغَةُ الْجَمَالِ
للشاعر مطران العياشي
بَدْرٌ أَطَلَّ وَنَجْمَةٌ تَتَأَلَّقُ
وَالْدَّمْعُ مِنْ طُوْلِ الْنَّوَىْ يَتَرَقْرَقُ
أَوَتَدَّعِيْنَ مَحَبَّةً مِنْ هَائِمٍ
وَنَسِيْتِ أَنِّيْ الْمُسْتَهِيْمُ الْأَسْبَقُ
وَتُؤَلِّبِيْنَ عَلَيَّ حَشْدَ عَوَاطِفٍ
وَنَسِيْتِ أَنِّيْ فِيْ الْشَدَائِدِ فَيْلَقُ
أَحَبِيْبَتِيْ.. هَلْ تَذْكُرِيْنَ لِقَاءَنَا
مَازَالَ قَلْبِي مِنْ حَنَانِكِ يَخْفِقُ
أَنَا لَمْ أَزَلْ أَحْيَا أُعِيْدُ شَرِيْطَنَا
لِلْذِّكْرَيَاتِ، لِشَمِّ مَاضٍ يَعْبَقُ
إِنِّيْ لَأَطْمَعُ أَنْ يَعُمَّ صَفَاؤْنَا
وَيَعُوْدُ غُصْنُ الْحُبِّ فِيْنَا يُوْرِقُ
أَنَا لَمْ أَزَلْ أَشْكُوْ الْلِّجَامَ بِثَغْرِهَا
فَمَتَى تَجِيءُ إِلَيَّ يَوْمَاً تَنْطِقُ
أَنَا لَمْ أَزَلْ أَحْيَا عَلَى أَحْضَانِهَا
دِفْئَاً وَيُبْحِرُ فِي دُمُوْعِيْ زَوْرَقُ
إِنِّيْ لَأَحْسَبُ عِنْدَ طَلَّتِهَا دُجَىً
شَمْسَاً عَلَى أَرْجَاءِ قَلْبِيْ تُشْرِقُ
أَحَبِيْبَتِيْ أَرْجُوْكِ مَهْلَاً تَرْحَمِيْ
فَسِهَامُ رِمْشِكِ فِيْ فُؤْادِيْ تَخْرِقُ
يَا هَائِمَاً بِالْغِيْدِ تَكْفِيْ نَظْرَةٌ
فَلَطَالَمَا نَكَأَ الْضَّمِيْرَ تَحَدُّقُ
كَمْ غَرَّدَ الْوُدُّ الْحَنُوْنُ بِخَافِقِيْ
فَإِذا بِفِكْرِيْ ذِكْرُهَا يَتَسَلَّقُ
تَخْتَالُ فِيْ خُصَلِ الْحَرِيْرِ تَغَنُّجَاً
وَأَنَا عَلَى مُرِّ الْجَفَاوَةِ مُطْبِقُ
أَشْعَلْتِ فِيْ لُبِّيْ شُمُوْعَ وِئَامِنََا
فَغَدَى ضِيَاؤْكِ لِلْحَنَايَا يَمْرُقُ
أَرْسَلْتِ شَدْوَكَ فَيْ الْفَضَاءِ مُغَرِّدَاً
وَرَمَيْتُ سَمْعِيْ فِيْ صَدَاهُ يُحَلِّقُ
أَأَقُوْلُ أَنْتِ الْشُّهْبُ غَابَ سَنَاؤْهَا
بَلْ أَنْتِ نَجْمٌ فِيْ الْسَّمَا يَتَأَلَّقُ
لُغَةُ الْجَمَالِ سَوَادُ طَرْفِكَ ضَمَّهُ
بَدْرٌ يُشِعُ عَلَاهُ سَيْفٌ يَبْرُقُ
وَالْكَفُّ بِالْطِّيْبِ الْشَّذِيِّ مُخَضَّبٌ
وَتَرَبَّعَ الْأَلْمَاسَ مِنْكِ الْمَفْرِقُ
وَجَرَى الْرُّضَابُ عَلَى الْشِّفَاهِ حَسِبْتُهُ
قِطَعَ الْلَآلِي وَالْشَّفَايِفُ تَغْرَقُ
فَأَظَلُّ أَدْنُوْ مِنْكِ كَيْ أَحْظَى بِهِ
إِنَّ الْمُتَيَّمَ لِلْحَلَاوَةِ يَلْعَقُ
إِنْ كُنْتِ قَدْ ذَوَّقْتِنِيْ طَعْمَ الْجَوَى
فَأَنَا عَلَيْكِ مِن الْصَّبَابَةِ مُشْفِقُ
يَا مُدْنَفَ الْأَشْوَاقِ نَأَيُكَ قَاتِلٌ
فَلَكَمْ أَمَاتَ الْعَاشِقِيْنَ تَفَرُّقُ
وَمَضَيْتَ فِيْ رَكْضِ الْأَرَامِ تَبَخْتُرَاً
تَزْهُوْ وَتَرْفُلُ بِالْجَمَالِ وَتَرْشُقُ
مَاقِيْمَةُ العُشَّاقِ إِنْ شَطَّ النَّوَىْ
وَسَطَا عَلَى حَبْلِ الْوِصَالِ تَمَزُّقُ
وَقَضَيْتُ انْتَظِرُ الْلِّقَاءَ تَلَهُّفَاً
حَتَّى أَضَرَّ بِمُقْلَتَيَّ تَشَوُّقُ
خُضْتُ الْعُبَابَ لِأَجْلِ عَيْنِكِ وَاهِبَاً
فَالْمَوْتُ مِنْ أَجْلِ الْأَحَبِّةِ أَرْفَقُ
أَنَا رُغْمَ صَدِّكِ وَالْغُرُوْرِ مُتَيَّمٌ
مَنْ ذَا سِوَاكِ أَيَا مَلِيْحَةُ أَعْشَقُ
وَنَسَجْتِ أَطْيَافَ الْجَمَالِ تَفَنُّنَاً
فَأَنَا أَسِيْرٌ فِيْ شِبَاكِكِ مُوْثَقُ
يَا عَاذِلِيْ بَعْدَ الْتَّشَتُّتِ وَالْقِلَى
بِالْلَّهِ لُطْفَاً بِالْجِرَاحِ تَرَفَّقُوْا
وَدَفَنْتُ قَلْبِيْ كَيْ أُقَاوِمَ حُبَّهَا
فَأَتَتْ تُنَبِّشُ فِيْ هَوَاهُ وَتَسْرِقُ
لَوْ جِئْتِنِيْ بَالْمَوْتِ أَبْقَىْ مُغْرَمَاً
أَهْفُوْ إِلَيْكِ وَفِيْ هَوَاكِ مُعَلَّقُ
كُلُّ الْأَمَاكِنِ فِيْ غِيَابِكَ أَجْهَشَتْ
فَالْدَّارُ ثَكْلَى وَالْأَزِقَّةُ تُغْلَقُ
لَا تَبْكِ نِيْرَانَ الْفِرَاقِ وَتَشْتَكِ
فَالْصِّيْدُ قَدْ ذَاقُوْا لَظَاهُ وَأُحْرِقُوْا
مطران العياشي –السعودية، جازان