قراءة في قصيدة “بعيداً عنك ” – رائف الريماوي
كتب رائف الريماوي
ماجدة الريماوي ,تبحث عن سر يقربها من نفسها ومن غيرها أكثر مما هو متاح
الأمر لم يعد يطفىء غليلها او يروي ظمأها الإبداعي ، ماجدة الريماوي ركبت البحار علها تقذف بها الى ما وراءها علها تجد ما تبحث عنه ، هل وجدت ضالتها، أم أنها ما زالت تبحث عنها، وهل عملية البحث عندها حالة مستدامة لا نهاية لها ؟ . تستلهم موضوعاتها من حياتها وحياة الناس المتعبين ، تلتقط من نافذتها كل ما يقع تحت عينيها، بحثها مفتوح على العديد من الخيارات ، يتحرك ضمن أفاق متعددة ، مفتوح على تأمل الخصائص الجمالية له , نطاق يمنحها رغبة دائمة في التركيز ، مشاهدها الشعرية صيغ انسانية , أدوات تعبيرها ، نمط تفكيري لها , مشاهد ضاجه بالألم و الأمل والتوقع
تحز حجارة الصوان يا قلبي
على قلبي من الضجر/ ي
وتملأ بالدماء الحمر في
قلبي من الحفر / ي
وتنزل من سكون الليل
تنزل فوقكم مطري
تشكل حقلها الخاص، تخلق مشاهد و رؤى مغايرة عن غيرها ،كأنها مفجر إبداعي ، يمكن رصد ملامحه أو بعضهاً منها في مسار العلاقة بين مشاهدها ، و في تداخل صورها وتصوراتها مع إيقاعاتها العديدة المتعددة،
نجومي في الدجى صارعت
بين وحوشه درري
وهذا الداء يشل خطاي
ويامرني أن اندثري
بل انتظري، ستنتصري
بعيدا عنكمو أنا قد ضعت
في الزحمة
وقلبي منبع الايمان والرحمة
ألست أنا التي هزمت
بأيديها
ظلام الليل والعتمة
قصيدة منسابة مثل الماء بدون قيد او شرط ، تحقق عدة جماليات , تعبيراتها و حساسياتها و رهافتاها القابعة في مدرجات قصيدتها .
ساصرخ يا اخي الإنسان
خذ بيدي على الغمة
أعني خفف الأوجاع
والأحزان
فما من طير يشدو
في ربى الأغصان غير
اطياري
الجمالية عندها شرط اساسي للقصيدة , مما يمنحها و يمنح القارئ قاموساً من المعاني، لكل مفردة منها لها تفسيراتها و حلولها الخاصة، تستند إلى معطيات اقتباساتها الخاصة ، تأويلاتها و تحليلاتها، و كل ذلك يشير الى البحث عن التوافق بين نظرتها الخاصة وواقعها الخاص، و بين قيمها ومنظورها الخاص ، لتوضح الترابطات بينها وبين مضامينها المختلفة.
وأعشق خالقي الباري
باشعاري
ربيعي قادم لتنمو
فيه أزهاري
ألا يا بائع الأزهار
أعندك زهرة حية
أعندك زهرة صفراء
أو حمراء وردية
لأهديها لجنية
أاصرخ للقلوب. الصم
لا…
تخلق حواراً بينها و بين ابطال قصائدها ، حواراً مبنياً على الانفتاح , بعيداً عن التوتر و سوء الفهم، وفق إيقاع خاص له دلالته الخاصة ،
بعيدا عنكمو أنا قد ضعت
في الزحمة
وقلبي منبع الايمان والرحمة
ألست أنا التي هزمت
بأيديها
الانبهار بما تكتب , إشارات نتلقاها على أنها رؤى لا تخضع لنظرات ونظريات مسبقة الصنع، بل رؤى سباقة إلى الاهتمام الجميل و العميق بخصوصيات موضوعاتها في تنوعها المرموق، و فيما تطرح من أسئلة، تضعها أمامنا بصيغ جديرة بالإجابة و القراءة، مقولات يمكن مقاربتها ، مقاربة جمالية تذهب إليها ماجدة الريماوي بحيث تتقاطع مع أفكارها و مجمل فضاءاتها، مما يعطيها الوقت لتجلياتها ومتابعة أبعادها الانفعالية، و ما تحمله من لحظات صمت و مفرد ات ، تهيم في فضائها الفني وتحيل رؤيتها إلى صور, تصنع خطاباً شعريا جديداً، ينبلج منه و معه إشارات استفهام كثيرة، أبجدية تستحم في اضواء تعبيريتها الملقحة بتجربتها ومفاهيمها، التي هي متنفسها ، فهنا يكمن سرها . تبدو كناسك قدم من معبده ، تقدم طقوسا حين تقدم افكارها واشعارها التي تسعف روحها وارواحنا بها، صيغ تعبيرية توظفها باتساق جمالي , حيث تبدأ المعاني بالتكون مشرعة أبوابها على إيقاعات اشرعتها المبحرة في لحظات ذات حساسية وارفة بالجمال و مشبعة بمعالم مفتوحة على الفضاءات بلمساتها المليئة بمحبة الآخرين.