علي محمود الريماوي
(1277 هـ/1860-1337 هـ/1919 م) شاعر فلسطيني من قرية بيت ريما ولد بالقدس وعلت شهرته قبيل الحرب العالمية الأولى وفي أثنائها.
أصل أسرته من حلب، انتقل منها أسلافه إلى فلسطين في عهد صلاح الدين الأيوبي. تعلم بالأزهر، ثم عين مدرسا للفقه واللغة العربية في مدرسة المعارف بالقدس. كما عمل محررا للقسم العربي بجريدة القدس الشريف الرسمية.
وقام بتحرير جريدة النجاح لمدة عامين.
توفي بالقدس سنة (1337 هـ/1919).
ولد الشيخ الريماوي في بيت ريما، قضاء رام الله سنة 1860. تعود أصوله، حسب الزركلي، إلى حلب التي انتقل منها أسلافه إلى فلسطين في عهد صلاح الدين الأيوبي، وسُمّوا “الحلبيين”.
تلقى دراسته الأولية على والده الشيخ محمود الريماوي، أحد علماء عصره وفي مدارس القدس، ولا سيما المدرسة الرصاصية.
سافر بعد ذلك إلى مصر لاستكمال دراسته في الأزهر، وجاور هناك مدة اثني عشر عاماً درس خلالها أصول الفقه واللغة العربية وآدابها.
اشتهر في مصر بقرض الشعر، وأخذ ينشر الكثير منه في صحف القاهرة، وفي مجلة “المنهل” المقدسية، التي أنشأها موسى المغربي.
عاد إلى مدرسة القدس وسكن فيها، وعُين مدرساً للفقه وعلوم اللغة العربية في إحدى مدارسها لأن الشعر والصحافة لم يكونا ليكفلا العيش الكريم، فكان حتى على محرري الصحف أن يجدوا لهم عملاً إضافياً يوفر لهم مصدر رزق إضافي.
اشتغل الشيخ علي محرراً لجريدة “الغزال” الرسمية الشهيرة، كما حرر في القسم العربي من جريدة “القدس الشريف” سنة 1876، وكانتا أول جريدتين صدرتا بالعربية في فلسطين، وهو ما يثير الشك في تاريخ ميلاده الحقيقي!
ثم انتقل الشيخ علي إلى التدريس في مدرسة المعارف. وقد علّم كذلك في مدارس يهودية (وكان ذلك قبل وعد بلفور).
وبعد ثورة “تركيا الفتاة” وإعادة الدستور سنة 1908، أزهرت الحياة الفكرية والنشاط الأدبي والصحفي. فأصدر الشيخ علي في 24 كانون الأول (ديسمبر) 1908، العدد الأول من جريدته “النجاح”، وهي جريدة “سياسية أدبية علمية زراعية”، كما عرّفت نفسها.
ويظهر أن جريدة “النجاح” صدرت بصورة غير منتظمة أيام الخميس من كل أسبوع، وكان أحد أهداف الجريدة تحسين العلاقات بين الحكومة التركية والعرب في البلد. فنشرت مقالاتها وأخبارها باللغتين التركية والعربية، وكتب الشيخ علي، في هذا المجال بعنوان “العربية والتركية شقيقتان فما بالهما يتخاصمان”. ودعا العرب إلى تعلم اللغة التركية (العثمانية بالأحرف العربية) كي يستطيعوا الترقّي في المناصب الحكومية، وأن لا يخشوا من فقد قوميتهم.
استمر في الكتابة في الصحف والمجلات الكثيرة التي صدرت بعد سنة 1908. وقد ساهم في تحرير جريدة “القدس”، لصاحبها جرجي حبيب حنانيا. وهكذا، كان الشيخ علي أحد الشعراء والصحفيين البارزين في فلسطين عشية الحرب العالمية الأولى.
ولما نشبت الحرب الكبرى، تكوّنت بعثة من العلماء والأدباء اختارها أهالي سوريا وفلسطين، بأمر من جمال باشا قائد الجيش الرابع، وتوجّهت إلى الآستانة، لتعلن ولاء السكان للدولة والسلطان، ولترفع تهنئتهم بانتصار “جناق قلعة” على الأسطول الإنجليزي.
وضمت البعثة 31 شخصية نابوا عن أربعة ملايين من سكان بلاد الشام، وكان منهم تسعةٌ من مدن فلسطين على رأسهم الشيخ أسعد الشقيري (والد أحمد الشقيري- أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية) والشيخ الشاعر أبو الإقبال سليم اليعقوبي.
خرجت البعثة من دمشق في أيلول (سبتمبر) 1915، ولبثت أسابيع عديدة في العاصمة العثمانية كي تساهم في الدعاية التركية بين المسلمين. وخلال زيارة البعثة للآستانة ألقيت الخطب والقصائد تمجيداً للدولة ورئاستها، وكان أشهرها قصائد الشيخ علي الريماوي.
ففي قصيدة ألقاها أمام ولي العهد يقول:
دامَتْ مَوَائِدُكُم مَبْسُوطَةً لِبَني الـــ إسلامِ وَالعِلمِ تَلطِيفاً وَتَحْسِيناً
مَكارِماً يا وَليَّ العَهْدِ قَد شَهِدَتْ لَهَا المَكَارِمُ لا تَحْتَاجُ تَبْيِيناً
إنّا الوُفُودُ تَشَرَّفنا بِقَصْرِكُمُ نُنْهي الصَّداقَةَ تَوثِيقاً وَتَمكِيناً
لَا زِلتم يا بَنِي عُثمَانَ فِي نِعَمٍ خَلائِفَ اللهِ طُولَ الدَّهْرِ آمِينا
الدكتور عبد الرحمن ياغي في كتابه “حياة الأدب الفلسطيني الحديث من أول النهضة حتى النكبة”، يقول عن تلك القصيدة: “إن القصيدة تُظهر قوة تمكين الشيخ علي من أساليب العربية القديمة، ورسوخ ملكة البيان، وتعريفاً جيداً لمواكب من الاستعارات والمجازات والصور البيانية”.
يؤخذ على الشيخ علي أنه مدح البريطانيين في آخر أيامه، وتوفي قبل أن يرى ما فعله البريطانيون، في القدس إثر إصابته بنزلة صدرية في شتاء 1919، ودفن في مسقط رأسه في بيت ريما.
اعتبره القوميون “جزءاً من التيار التقليدي المناهض للقومية العربية”. وهو في العموم تعرّض لحملة قوية منهم أثرت على سمعته السياسية بعد وفاته، ولكن هذا لا يؤثر على قيمته الأدبية والفنية.
ويقول خير الدين الزركلي في “الأعلام”: “وكان قد كتب لي أنه عامل على جمع ديوان شعره، ولعلّه أكمله”. لكن يبدو أنه توفي قبل إتمامه، ولم يُعثر له على ديوان أو أي مصنفات أخرى سوى مقالاته وقصائده المنتشرة في الجرائد تلك الأيام.
أشعاره