عبدالرحمن ريماوي 1 أبريل، 2020قراءالتعليقات على عدونا المتسكع /سفانة بنت ابن الشاطئ مغلقة475 Views
بتنا نعيش في زمن يشبه في جريانه مياه النهر المندفع باتجاه البحر لاهثا يبحث عن نقطة الاندماج ..نعم هو يجري باتجاه المستقبل دون توقفٍ وأثناء هذه الرحلة لا يكرر مياهه او يتوقف للحظات كي يلتقط أنفاسه .. وحده السد الذي يستطيع عزله عن الوصول لأهدافه..
هكذا هو عدونا المتفاخر بسلاحه الفتاك الكورونا.. المتباهي برأسه التاجي .. المتعجرف بصفاته المتناقضة .. يظل متسكعا هنا وهناك في الشوارع والأزقة .. يتمدد على الأرصفة تارة ويفرد طوله على واجهة المحال تارة أخرى.. ليصحبه أحد المستهترين للرفوف فيتسلل بهدوء بين البضائع مطلقا أنفاس حقده المميتة وقبل أن ينام يرقص منتصرا على أوراق المال ..
لم لا زال بيننا من يجهل خطورة هذه الجائحة و الفضائيات و السوشيل ميديا فاضت بالأحاديث عنها ،ألم تعرفوا بعد أو شاهدتم مدى دهاء هذا الفيروس و إصراره و رشاقته في التنقل من مكان لمكان هو ثقيل الوزن لا يطير في الهواء هو فقط يهوى التسكع والتشرّد في الأزقة و الشوارع، لكن رغم ذلك هو عزيز النفس ولديه كبرياء.. لا يقبل زيارة أيُّ منزلٍ من منازلنا إلا إذا خرج أحد منا إليه ودعاه بإصرار بسبب عدم الانصياعِ للقرارات والتقيد بها و التي تهدف لسلامتنا ..
عدونا يا أحبّة يحب التخفي والتنكر خلف عوارض أمراض كثيرة كي يتمكن اكثر من الضحية.. بارع بارتداء الأقنعة يستغل غفلتنا و إهمالنا ليتأرجح بين أباءَنا وأمهاتنا ويقفز بثواني لجسد ثانٍ ربما يكون أخ أو أخت ابن او ابنة أو ربما يسقط في لحظة غباء و استهتار لحضن خالٍ أو عمة .. فيُجهز بكل قوته على من توسدت الأمراض المزمنة جسده أو من افتقر جسده لجدار مناعة صلب ليواجه به فأس تاج هذا الكوفيد 19 ودبابيسه التي يغرزها في الحنجرة والجيوب الأنفية بداية .. وحين نسهو عن اوجاعنا أو نُرجِع العوارضَ لمرض صديق اعتدنا زيارته دوما كالإنفلونزا يكون وقت الوقاية منه قد فات فتنهار حصون الدفاع لدينا فــــ يغرس مخالبه في الرئتين ليقضي عليها فيصيبها تليّف قاتل يعطل مهامها كليا
للأسف رغم ما عرفناه عن عدونا القاتل إلا أن الكثير لا يزال يعيش في طلاسم .. لا يزال يعتقد أن المرض بعيد عنه وأن بنية جسده القوية تكفي لصده، أو يعتقد ببعض التغيرات في سلوكه تكفي ليصون ذاته ومن حوله ..لكنه في الحقيقة يكون مشروع عدوى مفتوح على الآخرين دون أن يعلم
رغم كل ما سبق ذكرته لكن محبرتي التقطت بعض المعاني الجميلة في هذه الأزمة ستبثها الآن كلماتي ، فلأول مرة في تاريخنا لا نعيش حالة الكيل بمكيالين لأن هذا المرض عادل فلا يميز بين دول الرأس مالية و لا من العالم الثالث و لا بين الدول القوية والضعيفة و لا بين الغنية و الفقيرة ، هو لم يفرق أيضا في المجتمعات بين الغني والفقير بين الجاهل والمتعلم بين الأبيض والأسود وكل الجنسيات أمامه سواء
رغم بشاعة ما يحدث في العالم و ما حولنا ، استطعنا بفضل شعار ” خليك في البيت” أن نتعرف على مشاعرنا و مشاعر من حولنا على طبيعة دواخلنا ودواخل من نعيش معهم أكثر وعرفنا أنّ الأصيل ومن تربى على الخير والشهامة يفوح منه عطر العطاء حتما.. ربما تغفو فيه هذه الميزات لكنها لا تموت و تبرز في وقت الشدائد ..فـــ ما أجمل ما نتابعه من تكاتف وتكافل وإيثار . رأينا بحق أجمل الصور و أروعها وستستمر هذه الوقفات المضيئة بإذن الله
جميل طبعا التفاف أفراد الأسرة من جديد حول بعضهم البعض بعد ان غزت التكنولوجيا حياتهم زمنا وسيطرت على مشاعرهم وشذبت من علاقتهم .. دعونا نعيش الأزمة بشكل جماعي.. نتعرف على بعضنا البعض أكثر .. ونقطف من قلوبنا ورد الحب نهديه لكل فرد ولا ننتظر للغد حتى نظهر مشاعرنا.. فلا أحد منا يعرف ماذا يخبئ لنا هذا الغد..
والأجمل مما سبق أعزائي هو عودة الكثيرين إلى لله سبحانه وتعالى بعد ان مضى عليهم وقتا طويلا غرباء في أرضه الواسعة ..ما أجمل هذا التسابق نحو الله والجميع بين يديه خاشعا رافعا كلتا يديه مرددا دعاء من القلب ليرفع الله عنا هذه الغمة وعن الأمة ويزول هذا الوباء عن الجميع دون استثناء .. فغمامة الجائحة مرت في سماء كل الدول دون استثناء فلا حاجة اليوم للحديث أو الدعاء من منطلق طائفي أو عرقي أو إثني ..فالهم واحد والعدو لأول مرة واحد ..
رغم انني أتابع كالجميع إحصاءات العالم و أحزن كثيرا كلما تزايد عدد المصابين أو المتوفين من جائحة كوفيد 19 أدعو الله كغيري .. لكنني أيضا أهتم بإحصاءات بعينها لبعض الدول التي فيها إخوتي وأحبتي ..وطبعا إحصاءات تركيا اين أعيش منذ سنوات أنا و والدتي و زوجي و أبنائي و أحبة لي..
فيا رب ارفع عنا هذا البلاء وأزيل عن أراضينا هذا الوباء وسلمنا وأحبتنا وأحبتهم يا الله