
صِدقُ الرواياتِ بالهَّمِ بُهتَّانا
السيّرُ فوق الماءِ بالوهَّمِ أضنانا
على جانبي الفُراتِ نَخطو ونعجزُ
أن نُحصي في طينِ النهرِ قتلانا
تَذَكَّرْتُ طفلاً كانَ يَلهو أمامنا
فغابَ، ولم تَحكِ الصحائفُ ما كانا
تَناثرَ من شُرْفَاتِ الحلمِ موطنُنا
كأنَّ الزمانَ على يدَيْنا تَوانى
نُقَلِّبُ بالأكفانِ صفحاتِ أمّتنا
فلا الذكرياتُ بَقينَ، لا الآسى لانا
مَدائنُ كانت في العُيونِ منارةً
أصابَتْهُنَّ بعدَ الخُذلانِ نِيرانَا
رَكَضنا إلى الوعدِ المُبَعثَرِ خُطْوَنا
وجُرْحُ العُصورِ المستباحِ تَدانى
تَعالَتْ على الأسلاكِ صيحاتُ أهلِنا
فذابتْ حُدودُ الصمتِ فينا دُخانَا
رَمينا على الآمالِ نَفْسًا مُثَقَّلَةً
وعُدنا نَغوصُ بِأضلُعٍ عَطْشَانَا
أهذا البُكاءُ لوجهِ موتٍ عابرٍ؟
أم أننّا نَبكي الزمانَ هَوَانَا؟
تَناسَتْ خُطانا كيف تُوقدُ شمسَها
فأمسى الطريقُ لظى، وصارَ جُنانَا
نُسافرُ في تاريخِنا دونَ وجهةٍ
وتَصرُخُ فينا ألفُ خارطةٍ عَمْيَانَا
على كتفِ الكلماتِ نحملُ حِلمَنا
وفي كلِّ بيتٍ تَسكنُ الأحزانَا
كَأنَّ الحروفَ، وإن تَجَمَّلَ نُطقُها
تُرَدِّدُ من أعماقِها: “خُذلانَا”
فلا الأرضُ أرضٌ، لا السماءُ بِراحُنا
ولا البحرُ يَغسلُ من جُرُوحِ مَآسَانَا
فكَمْ نَنتشي بالصَّبرِ حتّى خُدُودُنا
تَصَبَّغَ فيها الصَّمتُ والبُركَانَا
وإن قِيلَ: “قومٌ قد خَبَتْ نارُهم”،
ففي قلبِنا تُخفى الحُرُوقُ عِيَانَا
سَئمنا المدى، والحلمَ مِنَّا تَشَظّى
فمن يُوقِظُ الإنسانَ في إنسانَا؟
إذا لم نُقِمْ للحقِّ منبَرَ صَوتِنا
سَيَكتبُنا التاريخُ: أشباهَ فَانَا
د. عزام عبيد
