سِهامُ لحاظٍ مِنْ قِسِيِّ الحواجبِ / ديك الجن
عبدالرحمن ريماوي
20 ماي، 2020
شعر من التاريخ
435 Views
سِهامُ لحاظٍ مِنْ قِسِيِّ الحواجبِ
نَظَمْنَ الأسى في القَلْبِ مِنْ كلِّ جانبِ
غَداةَ كتبنا في الخُدودِ رسائلاً
بأَطْرافِ أقلامِ الدُّموعِ السّواكِبِ
تلوحُ على لَبّاتنا ونُحورِنا
وتبعثُها أَجْفانُنا للتّرائبِ
وأَلْسُنُنا خُرْسٌ كأنّ خَلاخلاً
حكينَ دِعَاجاً للحِسانِ الكَواعِبِ
كَفَتْكَ النّوى عَذْلَ المُعَنّى فأَقْصِري
بما رُمْتِ فيه مِنْ فراقِ الحبايبِ
حَنَاهُ الهوى بالشّوقِ حتى كأنّما
بأحشائِهِ للشّوْقِ لَدْغُ العَقاربِ
يَبيتُ على فرشِ الضَّنَى مُتَململاً
قَليلاً تَسَلِّيهِ كثيرَ المصائبِ
فَريسةَ أشْجانٍ طَريحاً بِكَفِّها
وما بينَ نابَيْ سَبْعِها والمَخَالبِ
خَليليَّ خانَ الصَّبْرُ وانْقَطَعَ الكَرَى
وقد أَحكمتْ عينايَ رَعْيَ الكواكبِ
خَليليَّ عن عيني سَلا أََنْجُمَ الدُّجى
تُخَبِّرُ بتَسهيدٍ عريضِ المَناكبِ
خليليَّ كَمْ مِنْ لَوْعَةٍ قَدْ كَتمتُها
فأعلنَها دَمْعي لِمُقْلَةِ صاحبي
وهَتّكِ ستْراً في الحَشَا كان مُسْبَلاً
على الشّوقِ حتّى عَنّفَتْني أَقاربي
فما أَفْضَحَ الدَّمْعَ السّكوبَ إذا جرى
وأَظْهَرَهُ لُطفاً لما في المَغايبِش
سأكحلُ عيني مِنْ بعيدٍ بنظرةٍ
إلى نارها بالرَّغمِ مِنْ أَنْفِ راقِبِ
وهل تَمنعيني نَظْرَةً إِنْ بلغتُها
ولو زهقت نَفْسُ الغَيورِ المُجانبِ
وقَلَّ لعيني مِنْ بعيدٍ تأمُّلٌ
ولَمْ أَرْضَ إلاَّ حينَ عَزَّتْ مطالبي
فعلّلْتُ نفسي بالذي هو مُقْنعي
وأَعْرضتُ إعراضَ البغيضِ المجانبِ
صَفاءً وإخلاصاً وبُقْيا مَوَدَّةٍ
لِعَهْدِ كريمٍ واصلٍ غيرِ قاضب
وفي النّفْسِ مِنِّي قَدْ طَوَيْتُ مآرباً
إلى مَنْ إليها حاجتي ومَآرِبي
لها مِنْ مَهَاةِ الرَّمْلِ عَيْنٌ كَحيلةٌ
ومِنْ خُضْرَةِ الرَّيْحانِ خُضْرَةُ شاربِ
كأن غُلاماً حاذِقاً خَطّهُ لها
فجاءَ كَنِصْفِ الصَّادِ مِنْ خَطِّ كاتبِ
أقاتلتي أمّا أَنا فَمُسَالِمٌ
وأَرْضَى بما تَرْضَيْنَ غيرُ مُحاربِ
ولكنْ لقومي عندَ قَومِكِ بُغْيَةٌ
وبينهُمُ فيها قِراعُ الكَتائبِ
فإنْ تَقتليني تَبعثي الحربَ خدعةً
علينا فَرَوِّي وانْظُرِي في العَواقِبِ
فإنْ يَخْلُ لي وجهُ الحبيبِ فإنّني
سَأَنْشُرُ ما أَضْمَرْتُ بينَ الحَقَائبِ
وإِلاَّ فإنَّ السِّتْرَ عندي مُكَتّمٌ
دَفينٌ على مَرِّ اللّيالي الذَّواهِبِ
لئلاَّ يرى الواشونَ قُرَّةَ أَعْيُنٍ
ولا يجدوا فينا مَعاباً لعائبِ
وقَدْ زَعموا أَنِّي بغيركِ مُغْرَمٌ
وعنكِ عَزُوفٌ كالصَّدوفِ المُوارِبِ
ولا والثنايا الغُرِّ مِنْ فِيكِ إنَّها
لكالغَيثِ أَدَّتْهُ أَكُفُّ السّحائبِ
تَمُجُّ مُداماً عُتِّقَتْ فَتَنَفّسَتْ
بأَحْشَاءِ سَحٍّ عُدْمُلِيٍّ كراهِبِ
على قَودِ رحل قائمٍ غير قاعدٍ
له بُرْنُسٌ يَعْتَدُّهُ في المناسبِ
تَمَزَّقَ عنها الدَّهْرُ مِنْ طولِ لَبْثِها
ولَمْ يتمزَّقْ في بلاءِ جلاببِ
بِجِلْبَابِ نارٍ قَدْ تَجَلْبَبَ جِسْمُها
وآخر مِنْ طينٍ وليس بلازبِ
ويغشاهما ثَوْبٌ رقيبٌ سَداؤُهُ
رقيقُ الحواشي مِنْ نَسيجِ العناكبِ
طَرقنا أباها في جُيوشٍ من الدُّجا
وأَيْدي الثُّرَيّا في نواصي المَغَاربِ
فقامَ إلينا مُسرعاً لسُرورنا
يُفَدِّي يُحَيِّينا كَبَعْضِ الأَقارِبِ
فقلتُ لهُ هات المدامَ فإنّنا
عَكَفْنا عليها مِنْ صُدورِ الرَّكائبِ
فَشَمّرَ رِدْنَيْهِ وقامَ مُبادراً
إلى وُقُفٍ شُعْثٍ قيامَ نواصِبِ
فَشَدَّ على الأَقصى فَضَرَّجَ خصرَهُ
بمثلِ جَناحٍ مِنْ دَمِ الجوفِ شاخِبِ
وأقْبَلَ يسعى بالزُّجاجَةِ ضاحكاً
مُدِلاً بها مُستْبشراً غيرَ خائبِ
كأنَّ سَحيقَ المِسْكِ في جَنَباتها
إذا الْتَمَعَتْ تَفْري رداءَ الغَياهِبِ
كأنَّ نَسيمَ الكأسِ عندَ ردائها
تَبَسّمُ عودٍ في صُدورِ المحارب
كأنَّ دموعَ العاشقينَ تَرقرقَتْ
بِأَكْؤُسها تَجري على كلِّ شاربِ
لما كنتُ إلاَّ مُقْصَداً بكِ مُغرقاً
ولستُ إلى أُنثى سِواكِ براغِبِ
إذاً فرماني الدَّهْرُ عن قَوْسِ هجركُمْ
بأَسْهُمِهِ ذاتِ الشُّجونِ الصَّوائبِ
فقلَّ كَرَى عيني لِهَمٍّ مُسَهِّدٍ
وفِكْرٍ طويلِ الذَّيْلِ بالقلبِ لاعبِ
Read more
Like this:
Like Loading...
Related