طيفٌ منَ النُّورِ – ريما البرغوثي
مُدّي لقلبي حبلَكِ النّوراني
الليلُ خيّمَ ما استطعتُ أراني
صبّي من النّور البهيِّ كؤوسَهُ
واروي ظلامًا حلَّ في أركاني
مذ غبتِ وانسحبَ الضّيا من أضلعي
عطشَ الوريدُ وجفَّ نبعُ جَناني
هزَّ الرحيلُ ستارَ قلبي وانبرى
وجعُ المواسمِ يعتري أزماني
غابت عن الوردِ الشذيِّ عطورُهُ
وارتدَّ يسرقُ في الدّجى ألواني
وسمعتُ همسَ الرّوضِ يُلقي دمعَهُ
مثلَ القصيدِ مؤسِّيا أحزاني
ولمحتُ أنسامَ الرّبيعِ خجولةً
مرّت أمامي عانَقَتْ أشجاني
ها قد رحلتِ إلى هناك ومهجتي
تصفرُّ ذابلةً بغيرِ حنانِ
تَحْتَ الثّرى أورقتِ جذرًا نابضًا
وأنا غيابُكِ بالذّبولِ رَمَانِي
والذّكرياتُ مَضَتْ تُجرّحُ أسْطُري
والحَرْفُ في ذِكراكِ خانَ بَنانِي
وبلاغَتي انطفأتْ وليسَ بِجُعبَتي
حَطَبٌ يُؤجِّجُ موجباتِ بَياني
أوْهَنْتِ قَلبي فاسْتحالَ الأفْقُ في
زَمنِ التّذكُّرِ يَبْتَغي نِسْياني
ودُموعُ ذاكَ الدّربِ تلعقُ بسمةً
سافرْتُ فيها نحوَ عيشٍ ثانِ
من مسكِ رمسِكِ كم أتوقُ لقبضةٍ
لأطوفَ نورًا في ذرى الأكوانِ
وأنيرَ منها شمعَ دربٍ مُظلمٍ
لتثيرَ دفئًا في صقيعِ كياني
أروي بها غصنًا تبَدّى ذابلًا
فتفيضُ زهرًا مشرقًا أغصاني
توّاقةٌ لذراعِ حبِّك حينما
يلتفُّ حولَ فؤاديَ الوَسْنانِ
فلَكَم حلُمتُ بطيفِكِ الأخّاذِ إذ
ألقى الدّنى في حضنِكِ الرَّيانِ
أمّاهُ يذكو الشّوقُ بينَ جوانحي
فتهيجُ لي ذكراكِ في تَحنانِ
وتعنُّ لي من ذكرياتي نسمةٌ
فتهبُّ منكِ نسائمُ الرّيْحانِ
لكِ في جَلالِ الرّوحِ أعلى منزلٍ
يا ربُّ أودِعْها فسيحَ جِنانِ
طيفٌ منَ النُّورِ – ريما البرغوثي