دلالة رسم المربع …
بقلم …فاتن الداوود
هنالك الكثير من الصراعات اليومية التي نواجهها وقد نحتاج الى متنفس صحي يستطيع أن يسرِّب الطاقة السلبية التي تراكمت في أجسادنا وعلقت في أذيالنا جرَّاء الواقع المُعاش الذي لا يتغير بسهولة التي نظن بها، وانغماسنا في واقعنا هذا قد تتراكم في النفس العديد من الذكريات التي قد تترك اثراً لابأس فيه من السلبيات الغير محبذة، فالنَّفس دائماً تحتاج الى بقعةٍ من الأمل تنجيها من عواقب الخوف، وتحتاج الى أمل من خلاله تتسرب فيه اذيال الإضطراب الغير محبب، فيريح النفس ويطيبها ويريح الذّات نحو الصلاح والهدوء.
كما لجأ الإنسان الأول للتعبير عن هذا الخوف والإضطراب من خلال أشكال ورسومات تعبر وتترجم ما في واقع النفس التي حاكت الحياة محاكاة حقيقية، لذلك إستمر وتطور الإنسان بعد ذلك في التعبير عن نفسه من خلال الرسومات والأشكال والخطوط والألوان ليكون التطور من صالحه، حيث عبر عنه بشكل مباشر وغير مباشر عن ما في نفسه دون التفوه بكلمة واحدة فكانت أقوى في ايصال الرسالة الى العالم الخارجي.
ومن هذا المنطلق كانت الرسومات وما يخطوه الإنسان على الورقة أو أية مادة أخرى هي الأنسب، ليست فقط من أجل التعبير عن ما يجول في النفس البشرية بل هي أيضاً وسيلة فعالة من أجل الوصول الى غاية الشفاء من اعتلالات نفسية غائرة في النفس، فهي البوصلة والمؤشر تجاه أية اضطراب ليفسر تفسيرا منطقيا بناءا على التاريخ العائلي للمريض، فينتج عنه بعد ذلك تحليلاً مدروساً نحو ماهية الخطوط والرموز والألوان المستخدَمة ليتم تفسيرها ثم الوصول الى خطة للعلاج الوقائي مع العلاج الطبي إن وُجِد.
ماهية الأشكال الهندسية هي من ضمن العديد من الرموز التي يخطوها الفرد أو الطفل فتكون الدليل القاطع على مرض أو اضطراب نفسي معين يتم التعامل معه بجدية من أجل درء ما يمكن درئه للسلامة النفسية والعقلية لأطفالنا.
وإن تطرقنا الى شكل المربع وهو من ضمن الرموز التي يخطوها الطفل في رسوماته، فالمربع شكل منتظم ومتساوي الأضلاع يحتوي على ضلعين متوازيين ومتساويين، وعلى أربعة زوايا قائمة وأربعة اضلاع متساوية، وكل ما دلَّ شكل المربع به ينعكس على صاحب أو راسم المربع خاصة الطفل فشخصيته تشبه الى حد ما رمزية هذا الشكل الى حدٍ كبير، فيعطيه صفة الحدية منتظم حاد الطبع، كما أنه شخص يحب الإنغلاق في حياته ويرسم حول نفسه صندوق مُحكم منعزِل عن الناس راغبا بشدة بالخصوصية والإنغلاقية، فهو متحفظ عقلاني يميل الى العصبية والتوتّر غير سلس في بعض الأحيان في التعامل مع الآخرين، كما أنه منظَّم لا يحب الفوضى ويميل الى التَّرتيب وهمته عالية في العمل ومحب للتفاصيل والدقة، لذلك عندما نجد اطفالنا يكثرون في رسم المربع فنجدهم اطفالا منغلقين على أنفسهم متوترين من الداخل حادين في الطبع لا يقبلون الغلط وغير مرنين، فيتوجب علينا أن ندرك كل الإدراك في كيفية التعامل مع هذه الشخصية المنغلقة فنبدأ في التفكر جيدا في كيفية معالجتها واندماجها في المجتمع لتقليل حدة التوتر ومعرفة
الأسباب التي أدت الى ذلك.
وفي جميع الأحوال أطفالنا بشكل عام وفي أعوامهم المبكرة خاصة يحتاجون دائماً الى الدعم النفسي والاهتمام، وتولي كافة جهودنا نحو ما يعتريهم من ضغط نفسي واضطرابات عقلية هو امر في غاية الاهمية حتى لا نجدهم في مطارح غير محبذة.
فاتن الداوود