استوقفتني أغنية “حيد عن الجيشي يا غبيشي قبل الحناطيرِ ما يطلُّوا” كونها إحدى الأغاني الشعبية الفلسطينية التي راجت في أربعينيات القرن العشرين، وذلك إبان الانتداب البريطاني، حيث جسد الأديب حسين اللوباني
قصة “غبيشي” وهو شابٌ شجاع أحب فتاة تُدعى “حسناء”، وقد تقدم الشاب “غبيشي” لخطبتها لكن عائلتها رفضت مصاهرته لأنه من عائلة صغيرة وقليلة الشأن، بينما عُرِفَ عن المختار والد “حسناء” الجاه والنسب، وهذا الرفض لم يثن “غبيشي” عن هدفه، فقد عاد مرات عدة لطلب يد “حسناء” للزواج لكن دون فائدة.
وبعد ذلك قرر “غبيشي” أن يتزوج من “حسناء” ويهرب معها للعيش في قمة جبل بعيدة عن القرية، وبعد زواجهما اشتط جنون والد “حسناء” وأقاربها على فعلة “غبيشي”، فاستنجدُوا بالقائد الإنجليزي “جون غلوب” قائد قوات إمارة شرق الأردن في عهد الانتداب البريطاني بين العامين 1939 – 1956، والذي تعهد لوالد “حسناء” بإحضار رأس غبيشي، فاصطحبَ معه كتيبة من الجنود والحناطير والمصفحات، مدجَّجين بالأسلحة والرَّشَّاشات وشرعوا بالبحث عن “غبيشي وحسناء”.
وذات يوم لاحظت المحبوبة “حسناء” أصوات ضجيج عساكر وحناطير، فطلبت من “غبيشي” كف الشر وتحييد نفسه عن الجيش قبل مجيئهم خوفا عليه وحبا له، وتقول الرواية أن غبيشي تمكن من دحر جنود القائد الإنجليزي، لكنه أصيب إصابة بالغة كانت سببا في موته لاحقا.
لا شك أن قصة حب “غبيشي وحسناء” لا زالت حية، حيث تظهر هذه العلاقة العديد من الصور التي تتمثل في كونها تعبيرا عن صور يعكسها التراث كونه يُحاكي الواقع؛ وليس بالضرورة أن يكون الواقع نفسه.