حدثيني يا جدتي …
في ظلول فلولها مني بدأت
أصول وأجول واتؤول مني أتسول حديثها
حدثيني جدتي عن فلسطين
أسدلت جفنيها بذبول فترقرق الدمع كلؤلئتين
انساب كحلها بذهول على الخدين
كبتول حدثتني عن صباها
قالت مازلت أمرح في هضابها
في سراديبها ومدنها وقراها
أخذتني بحبال الامل لتريني شارع حيفا
علقتني على أجنحة الحلم الليلة بمليون نجمه
وفردت كفيها ورسمت هضابها ومروجها
ألحقتها ببراريها وبياراتها وغزلانها
وألقتني قطرة مطر
من غيمة فوق سحابة بيضاء
فدمعت دمعتين
فقلت باللاواقع ..سأسكن في مقلتيك الليلة
ولتكوني سجينتي
فيخف وجع الشوق والحنين اليها
حديثتي والدمع ساكن في مقلتيك
وأرخي جفنيك
حدثيني وسينساب الدمع دما من قلبي
حدثيني عن بحرها المالح ونوارسه
حدثيني عن طبريا
لتنساب ينابيعها في شراييني
حدثيني وحدقي وحولقي في عيناي
فالحروف منقوشة على الخدين
حدثيني عن الهجرة والنزوح وحصار غزة
قالت : شتات في أصقاع الارض
حملنا مفاتيحنا في الأعناق
حملنا بطونًا في المخيمات
ارضعنا الوليد حليبا مخلوطًا باسمها
سكتت … ارتجفت …
همهمت وتمتمت
وعضت بنابها على الشفه
فأخرجت حروفها
وأكملت ترنيمة الحروف
فثقلت أنفاسها
تخدرت قدماها
سألتها هل تعبت
قالت : والله لو بقيت دهورا أذكرها لما تعبت
اهتزت ريشة أناملي
أخذت أعزف على اوتار أناملها
قالت : خبأتها بين كفي
مازالت رائحة طابونها فيها
وخبزه بزيتها ينقط على زعترها
واصص الريحان تفوح في ديارها
والبرتقال الوردي على وجنتيها
انحنت وناولتني خلخالا من جدتها
وقرطا فيروزيا كاد ينطق بسماها
ومازالت تحدثني حتى غربت الشمس
وصلت الى سهل مرج بن عامر ، الجليل والناصرة وكروم الخليل
صمتت وتمتمت عائدون
بكى حبر القلم على ورقي
والشعر في مخاض طويل الحمل
غفت واناملها تعزف لحن العودة
غفت لحين …..على أسوار عكا …