ما أجمل أن يكون اللقاء على أثير الإفتراض واقعا جميلا، يحول الأوراق الموشحة بالحروف لذبذبات صوتية تعكس ما تراكم و تنامى في الروح من خلجات مجهولة و تلك الأفكار المشاغبة التي تنهال تباعا تبحث لها عن سطر من سطور البوح لتموسق أنغامها على ايقاعات عربية ، تهب للمساء حلة البهاء و تنتظر عند زاوية اللقاء بباقة شعر ملونة بالسحر ، تعبر لشرفة الذاكرة من خلال تقاسيم العروض العذبة أو من خلال كمنجة النثر الرومنسية ، فإما أن نقرأ دواخل الشاعر أو يقرأ قلمه دواخلنا ، فقد قادنا شعراء و أدباء الأمسية في رحلة شعرية باذخة من خلال منبر من منابر الإبداع المتميز و الذي ترك بصمته السامقة في الساحة الأدبية و الثقافية تترجمها أقلام مبدعة بحروفها الشامخة تقرب المسافات بل و تلغي الحدود لــــ تروي عطش الإبداع حتى يفيض ألِقا نتأبط الشعر في رحلة أدبية ساحرة قادها عميد القناديل و شاعرها القدير د. جمال مرسي ، وكان لي شرف إدارتها فكنت المرشد الشعري لتلك الليلة وقنديلا من قناديل الفكر و الأدب ..
ومن هذه الكلمات انطلقنا في فضاء الإفتراض الرحب لنرسو عند ضفاف مؤسس القناديل الشاعر القدير د. جمال مرسي مُرحبا بالمشاركين من شعراء و شواعر و بمن يتابع الأمسية من أعضاء القنديل و من خارجها من شعراء و أدباء و من متذوقين للشعر و الأدب ، ومن هذه الكلمات المعبرة لعميد القناديل حلقنا على جناح نورس إلى سورية لنستمع إلى الشاعر السوري القدير فواز غالب عبدون و قصيدته “هذا هو الشعر” ليجلو من خلاله الأُفقا بشعر صادق ويمتشقه سيفا يتصدى للواعج النفس و ما يدور حوله كفارس في زمن الهزائم ليثبت أن القوافي نبض الخافق بلا منازع
وبين الشعر و معانيه انطلقنا إلى المغرب لنتعرف على “أنفاس الأنين” والأديبة البتول العلوي وهي تثور على الجاثم بين أنفاس الأنين لكنها تعجز عن الهرب من أنات الحنين محاولة أن تنهض بعد ذلك الوداع المحتم ، وقبل أن تنقطع انفاسنا اعجابا انتقلنا بخطى سريعة إلى الأردن و الشاعر القدير عبد الرحيم محمود و قصيدته “في انتظار” و انتظرنا عند ناصية الحرف و بين القصيدة المعتقة بالجمال نحاول القفز على الحنين المشبع بالبلاغة و الذكرى المترفة بالأنين نتتبع تلك الثورة الرافضة للاستسلام
وقبل أن نستسلم للطيف المتهادي بأناقة نادتنا إيطاليا التي تتصدر الأخبار هذه الأيام ودعتنا لاستضافة مغرية ولبعض الوقت لكن هذه المرة ليس لنتحدث عن الكورونا ولواعجها بل لنستمع لصوت الشاعرة و المترجمة المغربية الإيطالية دليلة حياوي التي أرادتنا أن نبقى تحت ظلال حرفها حتى “نهاية الأسبوع” ، نعم هذا هو عنوان نصها البديع من ديوانها نسيم الجنوب حيث كانت الأم حاضرة بحنانها تدعوها لوداعها رغم أنف الظروف محددة نهاية العمر قبل نهاية الأسبوع ، مكثنا هناك لبعض الوقت لكننا لم نستطع أن نقبل دعوتها الكريمة والبقاء حتى نهاية الأسبوع، فقد نادانا بنبرته الثائرة والشجية الشاعر السوري الجميل جميل داري من خلال قصيدة ” ذات وطن” فأيقظ فينا الوجع وخفقت القلوب عند عتبات القصيد أنة تلو أنة إعجابا لتسبق ولأول مرة أنة الألم أنّة الفرح تعبيرا عن الإعجاب ورغم افتقاد شاعرنا لعنترة الذي يتمنى، مكثنا عند أمنياته واستمتعنا بحرفه حتى الارتواء
فغضبت من بعيد حروف الأديبة و الناقدة المغربية مالكه عسال مرددة على الملأ أنا “ابنة الغضب “وجرتنا لساحتها المفعمة بالثورة … نعم كانت كلماتها مفعمة بالثورة والإباء .. وبين الوطن والثورة و الحسرة و الغربة و الوجع مكثنا لبعض الوقت واستسلمنا لوهج القصائد المتمردة ……….
قبل أن تسلل لمشاعرنا أنامل سحرية تأخذنا في نزهة ساحرة على النيل تهدئ من روعنا على ايقاع حروف بدأت بعنوان جذاب “ساحر أنا” بقلم الأديب و الكاتب القدير الدكتور ثروت عكاشة السنوسي ليمنحنا طاقة متجددة قبل أن نعود من جديد للمغرب الشقيق و نستمع بمكابدة الأديبة المغربية الرقيقة حورية عبد السلام ونصها أكابد أرقي الوحيد ، وكأن الأرق لم يكتفي بعذاباته وفتكه بالأحلام .. ليرسل لنا من العاصمة النمساوية فيينا الشاعر العراقي القدير عواد الشقاقي مخططا هندسيا للسراب مؤطرا بالبهاء و فأخذتنا قصيدته ” السراب” بين لجة الحلم و الرغبة الواهمة و الأفياء الناعمة و إلى مستفيض الخيال بحثنا عن ما فقده وفقدناه و قبل أن نطيل المكوث تحت ظلال حروفه الموشحة بالجمال و تصبح مشاعرنا سرابا و وهما ، تقدم بخطى واثقة الشاعر و الناقد المصري القدير د. بسيم عبد العظيم ، معلنا الحبّ من خلال قصيدته البديعة أعلنت حبّكَ و بين قالت و قال تأرجحت مشاعرنا على ايقاعات كلماته عذبةلكن هذه الرومنسية الجميلة لم تدم طويلا فــــــــــــ إلى الواقع قادتنا القصيدة من جديد و قلم الشاعر اليمني القدير جمال الجماعي والتي تحاكي واقع امرأة غاب عنها زوجها لسبع سنين و انقطعت اخباره وفي ليلة العيد جلست تناجي طيفه الزائر فـــــكانت سببا لولادة قصيدة حنين لــــــــــ تحنو بأبياتها الجميلة عليها من حيث تدري أو لا تدري من خلال مشاعر تنوعت و تماهت مع الكلمات و الصور وكأننا نشاهد معاناتها تباعا
لكن كان من الضروري أن نمضي مسلمين الراية إلى مصر لتعيدنا إلى خانة الرومنسية من جديد فلم يكن ممكنا أن لا نعود إليها و ايقاع الناي العذب استرسل يحاكي المعاني و الحروف واستمعنا معا لقصيدة ” حديث الناي” للشاعر القدير طارق مرسي لنكتشف من خلال كلماته معاناته الخاصة و بحثه المضني عن راعٍ لزهرته و وروضته عن من كان يمنحه السعادة وهكذا أمضينا معه وقتا يتنامى شيئا فشيئا الفضول في دواخلنا كلما طالت هذه الرحلة الوجدانية الوارفة .
وقبل أن يفيض فضولنا أكثر ، سمعنا صوتا ثائرا آتٍ من العراق يلقي على بغداد السلام المحمل بالحسرة بحروف دامعة من خلال قصيدته الرائعة ” آهٍ بغداد ” و الشاعر العراقي القدير عمران العميري فتأرجحت مشاعرنا بين الوصف و الشوق و المجد مكثنا بين أفياء المعاني ندعو لبغداد السلام و الأمان ، فازداد حبنا إليها والذي ما فارق نياط القلب يوما ، و إلى اليقين عدنا و الشاعرة المغربية النبيلة نبيلة حماني و قصيدتها ” يقين ” التي جذبت انتباهنا فــــــ أمضينا معها وقتا جميلا وغزلنا بدورنا حروفا من أحاسيس مرهفة ومعبرة
هل انتهى الحفل …. لا وكيف ينتهي والعروبة تطرق على أبواب الزمن بإلحاح و تصرخ بحروفها الموشحة بالألم ها أنا ذا هل نسيتموني .. هل تتجاهلونني عمدا متعمدا ؟؟ كان هذا النداء نابع من صميم الحروف مدوي من خلال قصيدة الشاعر القدير د. عدي شتات الذي ألقى على مسامعنا قصيدة رائعة بعنوان ” هذي العروبة ” ليؤكد الشاعر العروبي بنسبه و أصله و انتمائه للمتخاذلين أن علم العروبة سيبقى في السنا خفاقا لأن العروبة سدرة لمنتهاها ومعراجُ للأعراق لتتكحل هناك الأمجاد و الأخلاق ، قلمه الباذخ آعادنا لأصالتنا لذا لم نستغرب أن تكون الخاتمة عنها أيضا فأمامها تعجز كل الحروف و الكلمات و يرفع اليراع و تجفّ الأوراق
وبعد التاريخ و الأمجاد و العروبة و الأخلاق مر أمامنا طيف آتٍ من تونس الخضراء مع الأديبة التونسية الرقيقة منوبية كامل غضباني و نصها النثري “طيف” لتتسكع ذائقتنا بين الوجد و الطيف ونتوقف لبرهة عند بشارة المنجمين نحدق في الأفق البعيد نتأمل معها أجنحة النوارس التي تومئ باصرار لعهد الطفولة الجميل و ما أجمله من سفر بريئ ، لكن سرعان ما شعرنا بالزمهرير فتلفحنا بوشاح مصري الخامة ليدفئ أرواحنا مع قصيدة مؤسس القناديل الشاعر القدير د. جمال مرسي و قصيدته الجميلة ” الوشاح” وكم كان هذا الوشاح أصيلا مزخرفا بصوره و معانيه الجميلة يتخلله نور صباح يُشرق من وجهها و المرايا العاكسة لخيالات الأمس و على حاشية الوشاح آثار لحلكة الليل التي ما فتئت تطل من نافذة الوجع تضغط على جراح غائرة يحملها جسد أوهنته الخطوب و تجاعيد عمر مضى و أصحاب تخلوا عنه فجأة ، فلا مفر من جنود الذكريات المنتشرة في كل مكان رغم العزلة ، صور لكتاب سطوره لاتزال تنبض .. وفي داخله طفل يشاغب يحاوره كلما شعر بالوحدة أو حين ، فلربما يراها كطير في الأفق سابحة أو كالنيل تلقي سرها فيه فيدفن فيها .
كلمات أشعرتنا بالدفئ و مكثنا عندها باستمتاع ومن ثم قررن أن نغرق في لعنة السندباد ونتعرف على ماهية هذه اللعنة من خلال قصيدة الشاعر السوري القدير د. عمر هزاع بعنوان ” لعنة السندباد” و يالها من قصيدة مؤثرة و رائعة في الآن ذاته حيث ألقاها على مسامعنا بصوت شجي وكيف لا و هي تحاكي وطنه الحبيب و تصف أنينه و تعد أنّاته انة تلو أنة و تروي حكايات حروفها من دم ومعانيها تشكلت من عظام الشهداء أما صورها فقد كانت أوتاد الخيام ، فتوشحت ألفاظها بالسواد تبكي الشآم و الفرات و العباد ،
وقبل أن نبرح سورية بعد ليطل علينا الشاعر السوري القدير مجد أبوراس شاعر النيرب من تركيا و قصيدته ” وهم و هم” حيث كان بارعا بوصف الفرار من النفس إلى النفس فــــــــ في زوايا الروح تنزوي الخبايا وبين السطور يزدهي الوضوح فـــــ قلم الحياة يشارك قوت البوح و يعزل الروح عن الروح رغم الشواهد و رغم المواثيق أبى إلا أن يراهن على الحصان الخاسر فخسر الدنيا و الآخرة ليفوز السيد بتاج الكرامة ويتسيد المظلوم على الظالم هكذا كانت نهاية الرحلة تطل على الأمل
و من شرقنا العربي لمغربه ومع الشاعر المغربي القدير عبد الكريم الوزاني و قصيدة إلاهي و التي ألقاها الشاعر القدير د. جمال مرسي بالنيابة بطلب من الشاعر ومعه عشنا في سكينة تحيطنا هالة روحانية جميلة و معان ساحرة تذكرنا باقتراب الشهر الفضيل فلا ملاذا لنا من الواقع المؤلم إلا الله فإليه نشكو و إليه ندعو و إليه السبيل للراحة و الطمأنينة ..
وقبل أن يقول مؤسس القناديل و الشاعر القدير د. جمال مرسي الكلمة الختامية و قبل ان ترفع ستارة الختام دعاني بكل رقي و إصرار أن ألقي على مسامع الحضور قصيدة من قصائدي الشعرية فاخترت قصيدة ” إذا القلب هوى ” و لأنني لن أستطع التحدث عنها سأترك بعضا من أبياتها هنا و أوقع باسمي
يَـــا أَيُّـهـا الـعُـشَّاقُ غـيـضَتْ أَنْـجُـمي= مَـنْذا سَـيَنْتَشِلُ الـفُؤادَ مِـنَ الغَوَى..؟!
يــا سـاكِـني أَزِفَ الـرَّحيلُ.. فَـلا تَـقُلْ:= أَسَـفاهُ..! فـالوَصْلُ الـجَميلُ قَدِ انْطَوَى
أَحْــلامُـكَ الـجَـذْلَى تَـداعَـى سَـقْـفُها= وانْـهـارَتِ الـجُـدْرانُ.. وانْـتَـعَشَ الـنَّـوَى
كـانَـتْ( قِـفـا نَـبْـكِ )الـتـي فـي غَـفْلَةٍ= أَذْكَتْ لَهيبَ الشَّوْقِ.. فانْكَسَفَ الجَوَى
لَـهْـفـي عَـلَـيْـكَ..! مُـسـافِرٌ كـقَـصيدَةٍ=أَوْتـارُهـا تَـبْـكي عَـلَـى(سَقْطِ الـلِّـوَى)
يــا دَهْــرُ مـا بِـكَ قَـدْ عَـتَقْتَ مَـواجِعي= تَـسْقي الـثَّرَى مِـنْ أَدْمُعي حَتَّى الرَّوَا
هَــذي جِـنـاني قَــدْ حَـصَـدْتَ ظِـلالَـها= وَزَرَعْـتَـهـا نـــارًا.. وقَـلْـبي قَــدْ ذَوَى..! / سفانة بنت ابن الشاطئ
Read more