بينَ صمتِ الموتِ وصَراخِ الدنيا
بقلم: منال اليماني
أخذوني من الدنيا، رميتُ جسدي على المحمَلِ،
والقلب يئنُّ صامتًا، والروح تراقبُ الأملَ.
غَسَلوه وكفنوه، والوجوهُ كلُّها حزينةٌ،
لكن وراءَ الحزنِ تتسابقُ العيونُ رصينةً.
أخبروهُ أهلي أولًا، والدموعُ على خدودِهم،
فسرعانَ ما تبخّرَ الحزنُ، وظهرَ الصراعُ في أقدامِهم.
الميراثُ صار حديثَهم، والمالُ صار كلّ ما يهمُّهم،
حتى أحبابي كأنهم ينسون مَن كنتُ، ويحسبونَ كلَّ شيءٍ لهم.
زوجتي تمشي ببطءٍ، والفراغُ يرسمُ وجهَها،
لكن ما عاد لي في الدنيا سوى ذكرى ودمعُها.
أرى أقاربي يفتشون ويقسمون كلَّ شيءٍ خلفي،
كلُّ ما كان ملكي صار للآخرين حكايةً سريعةً.
حتى أصحابي يبتسمون للحظاتٍ ثم يروحون،
كأنَّ الموتَ حوّلَهم غرباءَ لا يعرفونني سوى في الدعاء.
أشعر بالوحدةِ وأرى نفسي صامتًا في السماء،
لا مالَ، لا سلطانَ، لا أحدَ يمكن أن يقفَ بجانبي سوى الربُّ.
كلُّ أعمالي وحدها سترافقُ روحي في الطريق الطويل،
كلُّ نقودِ الدنيا وصخبَها لا يعيدانِ لي شيئًا من الماضي الجميل.
أسمعُ صدى الدعاءِ صوتًا حزينًا يمرُّ كنسيمٍ،
أفكّرُ بما فعلتُ وبما تركتُ، وأرى حقيقتي العارية.
الآنَ عرفتُ: الدنيا ليست إلا فناءٌ،
والمحبّةُ والعملُ الصالحُ هما كلُّ ما يبقى — لا المالُ ولا الشجارُ.