. انقلاب المثقفين على أنفسهم.. بقلم عبد حامد
عبدالرحمن ريماوي
26 ماي، 2019
قراء
326 Views
من الناس من تقرأ سيرتهم، فكأنك بذلك تقرأ قصيدة سامية، حوت من المعاني اشرفها، ومن الغايات انبلها، فتقرأ وانت في لذة وطرب يزداد ويتصاعد كلما تقدمت في القراءة، فيها نتنفس تأثير الشعروالايقاع والموسيقى، ما يجعلنا نتصفح حياتهم ونعاود التصفح، مرة بعد اخرى،وفي كل مرة تتجدد متعتنا، ويزهو حالنا، ثم كلما المت بنا مصيبة، من طاغية اورئيس، يتنطع في السياسة او الدين،عدنا اليهم،فنجد فيهم العزاء والدواء.
نحن هنا نتحدث عن الكتاب والمثقفين العرب،لانهم الاقرب منا،ولكونهم الاكثر اهتماما بنا،واحساسا بهمومنا واحزاننا، امالنا وتطلعاتنا،وهم في نهاية الأمر مواطنون مثلنا،حالهم كحالنا،يعانون كما يعاني جميع ابناء شعبهم،تصب فوق رؤوسهم كل انواع المحن والمآسي،وما اكثرها وامرها في وطننا العربي الكبير،طبعا هنا نقصد الكاتب الحقيقي والمثقف الاصيل،وكل فنان جاد ،ومبدع خلاق،هؤلاء الذين يعلو نجمهم،ويرتفع شأنهم،ويعظم دورهم بين ابناء شعبهم،لما يجدون في اعمالهم ومواقفهم من صدق وعمق واخلاص لهم،ولما يتمتعون به من بساطة وتواضع وسمو ونبل، لكن ما ان يحتلوا تلك المكانة الكريمة، وتلك المنزلة الشريفةعلى الساحة المحلية والدولية وفي قلوب وعقول ووجدان مواطنيهم، وبشكل غريب ومفزع، سرعان ما ينقلبون رأسا على عقب، وسرعان ما تنقلب كل تلك السمات النبيلة التي بها استحقوا تلك المكانة العالية التي تليق بهم، وبتاريخ امتهم المشرف، الى النقيض منها تماما، ويتركون المواطن في حيرة من امره، وهو في حالة من الذهول والصدمة لهذه الفاجعة الاليمة المريرة، التي تضاف الى هول الكوارث التي تعصف به في كل وقت وحين ومن كل حدب وصوب.
هذه الانقلابات الثقافية،هي الأكثر خطورة، والاعنف تدميرا، والامضى فتكا بالواقع العربي، والنسيج الاجتماعي للأمة، وهي افظع وابشع من الانقلابات السياسية والعسكرية،لأن طبيعة العمل السياسي تختلف كثيرا عن غيرها.
السياسة تتغير، وتتبدل المواقف تبعا للظروف والمصالح، بينما العمل الثقافي،الادبي والفني، يلتزم الحق والعدل والانصاف، ويرتكز على الجانب الانساني والاخلاقي، وعلى القيم والمثل والمبادئ العليا، واذا كانت هذه حال بعض المثقفين، فماذا تركوا للسياسيين، وماذا يمكن ان يفعلوا بنا، واذا كانت حصيلة امالنا وتطلعاتنا الى بعض المثقفين هي هذه، فماذا يمكن ان نأمل من الساسة والسياسيين؟
طبعا نحن لا ندري، لماذا تحصل هذه الانقلابات الثقافية، لماذا ينقلب بعض المثقفين على ماضيهم وعلى انفسهم، هل تمارس عليهم ضغوط قاهرة،ام تتم نتيجة اغراءات لا يقوى بعضهم على دفعها ومقاومتها، ام ان هذه هي طبيعتهم، وهذا هو جوهرهم،وهذا هو معدنهم الحقيقي، ام هناك اسباب اخرى غير معروفة؟
مهما تكن هذه الاسباب فهي غير مقبولة قطعا،هي اسباب مرفوضة، بغية ومقيته
Like this:
Like Loading...
Related