المعطوب / حنين خالد

لا يزال يستحضر ذلك المشهد عندما رآها للمرة الأولى، وهي تقف بذهول أمام تلك القطعة ،،،،نسي نفسه ، نسي معرضه وأخذ يرقبها من بين الجموع كأنها ” لوحة ” ساعة ونصف وربما يزيد بدا فيها غريبا عن المكان مشغولا عن ناسه بها

  • آآآه يا أنت ، هذا التمثال هذا الوجه لماذا استوقفك دون غيره ؟؟ ماذا رأيت به ؟؟؟ وهو أحب أعمالي إلي صوت رقيق يهب من الجهة اليسرى يحدث نفسه بلهيب مسموع :

  • هذا التمثال ، كم يشبهني في هذه اللحظة

  • ها أنت … تكلمتي إذن

  • بل يشبهني أنا ، في كل لحظة

    جملته الأخيرة اندفعت بتلقائية ووصلت إلى مسامعها وبدون أن تستدير قالت :

    -من الجميل أن تجد شبيهك ، نستغرق وقتا ولا نعثر عليه أحيانا .

  • صحيح و أنا استغرقت عمرا

    نظرت له إلى شعره الرمادي إلى تلك اليدين والملامح إلى تلك النظرات المسكونة بصخب الخمسين ، هي التي تصدق حدسها شعرت بأنها تعرفه

  • أنكون قد التقينا في زمن ما ؟!!

    احتفظت بهذا السؤال لنفسها وسألته غيره :

  • أيهما أجمل أن يلتقي المرء بشبيهه ، أم بنقيضه ؟؟

  • لا أعرف ….. الأجمل أن يلتقي بنفسه .

  • وهل التقيت بنفسك أقصد هل تعرفها ؟

  • نعم ، أعرفها جيدا

    -وأنا أيضا …

  • تعرفين نفسك ؟!

  • أعرفك أنت

  • خارج حدود المنطق والمعرفة ربما …

  • من قال أنني عرفتك خارج حدود المنطق هذه القطع وتلك اللوحة ولا تنسى هذا التمثال بالذات …

  • هل أنت فنانة ؟

  • لا ، كاتبة

  • وماذا تكتبين ؟؟

  • ” نصوصا وقصص “

  • نصوص ؟!

  • أجل نصوص ، بعض المشاهد التي نتعثر بها في الحياة أو المخيلة تستحق التكريس والعناية .

  • وتلك المشاهد ألا تستوعبها الرواية أو القصة ؟

  • لا ، في القصة مثلا تضيع في صراع الشخوص والأمكنة وفي الرواية تعلق بزحمة التفاصيل .

  • أنت تعلم ذلك

  • أنا !!

  • ألست شاعرا ؟!

  • أرغب أن أقرأك أقصد أن أقرأ لك

  • بكل سرور .

    هكذا هو الحب يطرق بابك في غمرة انشغالك ، يأتيك بكامل ألقه وعنفوانه يجتاحك في الوقت والمكان الذي لا تتوقعه …

    كل شيء فيه وحوله يشي بالحنين لكن كيف عساه يخبرها وهو الذي يحترف العصيان حد احترافه الرسم والكتابة تراه غارقا في بحيرته الراكدة ، عاجزا عن رفع الهاتف والإتصال ليثرثر لها بالكثير أو ليختزل مشاعره في كلمة واحدة

  • -اشتقت لك

    يذكر ذات زرقة حين أخبرته :

  • كم أنت جبان

    لم يجب اكتفى بابتسابته الظاهرة واكتفت هي بالغرق فيه وبه ، أكل فنان مجبول بصمته ؟؟ وهل جميع الشعراء يحملون ذات الإبتسامة المواربة التي لا تزيدك إلا حيرة ودهشة ؟؟!

    للآن لا يعرف كيف اقتحمت خيبته وخلوته واستحوذت على قلبه وفكره على حرفه وريشته .

    كانت أنثى الحياة حين هو رجل الإنكسارات من فرط ما خسر لم يتبقى بحوزته ما يكفيه للتورط في عشق جديد ، عبثا حاول ردع نفسه أو بالأحرى قلبه ، متكئا على عكازة التفاصيل مكتفيا بالنظر إلى ما ألحقته به حبيبته السابقة والعاهرة من عطب في الجسد والذاكرة ، أليست الحياة امرأة لعوب تتقن فن الرقص والتعري ؟؟! ها هي ذي تأخذ يديك ،تلتهمك ، تمارس عبثيتها بدقة ، تصفعك مرة واثنتين وثلاث ، تكمل دورتها بشكل لولبي ودونما أن تكترث لجرحك ، لألمك ، لسخائك تنتقل من آخر إلى آخر ، تلك الفتاة تشبهها حد النقيض لكنها على قدر أشهى من البراءة والوفاء ….

  • المزيد من اعمالها

 

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

 زفة عريس – اكرام اسطى

زفة عريس بيت حليمه الليله ما انطفت انواره, مهو بيت عريس وبيت العريس بيبقى مثل المناره بوسط البلد , وكل الحبايب بتلفي تاتهني وتبارك وبالفرحه تشارك واليوم الحبايب بدهم يزفوا العزيز ابن

%d bloggers like this: