عبدالرحمن ريماوي 24 فبراير، 2019قراء, مقالاتالتعليقات على العبرة من السوشي الياباني ..بقلم نجاة هاشمي مغلقة402 Views
في إحدى زياراتي لفرنسا قررت أن أزور مطعما يابانيا كان مختصا فقط في تقديم أكلات السمك اللذيذة جدا وأظن الكثير منكم يعرف أكلات السوشي الرائعة التي يبدعون في تقديمها وبأشكال جد جذابة وأنيقة… المهم كان عزمي جادا..توجهت إلى ذلك المطعم الشهير ..فكان كل شيء في أجمل ما يمكن تصوره…نادلات أنيقات جدا ..وفرش أنيق ومنسق بأفرشته الحمراء ولا أنكر انبهاري أمام هذا اللون بالذات وحبي الشديد له.. أما عن الأطباق وتنوعها فحدث ولا حرج…كل شيء مرصوص بأوانيه المنسقة و المصطافة واحدة تلو الأخرى …يزيد شهوة الزوار روائحه الطيبة ووجوده الدائم فوق الأواني الساخنة والتي يتجدد تغييرها بكل وقت وحين… المهم كل ذلك كان جميلا جدااا …إلى أن اقتربت نادلة المطعم مني ووضعت بعض الأطباق بمائدتي بكل ترحاب وأناقة…وتذكروا جيدا أنني” بمطعم متخصص بالسوشي” لكنهم بالرغم من ذلك لا يفرضون عليك القضبان الصينية الخاصة بهذا الأكل.. لم أتفاجأ كثيرااا …لكنني كنت مصممة على الحصول على تلك القضبان الحمراء “les baguettes “..وإلا فلا داعي للأكلة من الأصل… بعد دقائق معدودة أحضرتها…وما عليك بعدها إلا أن تحمل صحنك الخاص وتقوم لوحدك باقتناء أطعمتك التي تريد “self-serving ” من تلك المائدة الكبيرة جدا والتي تدعى “buffet ” وتختار ما تلذ له نفسك وما يطيب له خاطرك . …لقد كان كل الطعام في غاية الروعة…. والمطعم…والنادلات…وحسن الاستضافة… وليس كل هذا ما شدني وجعلني أنحني احتراماااا لدقة عملهم..أتعرفون لما؟ أيها السادة الأعزاء في هذا المطعم الرفيع يقدمون لك كل الترحاب وكل اللذائذ لكنهم يشترطون عليك عدم ترك بقايا الأطعمة في الأطباق…بمعنى أنك حينما تقف لاختيار طعامك بنفسك من الموائد طبعا حسب ذوقك ورغبتك واشتهائك فهم يفرضون عليك أن تختار فقط القدر من الأكل الذي يلزمك شريطة ألا تكثر فتسرف…فتضيع..مما يضطرهم لرميها بعد ذلك…❤.. هل رأيتم ثقافة أجمل من هاته…يقدمون لك كل شيء بثمن جد مناسب ولا يحاسبونك إن أكلت قليلا أو كثيرا ..فأنت لديك الإختيار أن تبقى معهم لليوم بأكمله وأن تأكل في كل مرة ما تشاء بحسب رغبتك…ولكن فقط وفقط شريطة ألا يلقى الطعام المتبقي بالقمامة.. لو حدث وفعلت ذلك فهم يفرضون عليك تأدية الثمن مضاعفا..لكي يعيدوا تربيتك من جديد على عدم الإسراف والتضييع ❤ هل رأيتم ..ثقافة أجمل وأعظم من هذه… اليابان وما أدراك…علم وتفوق وذوق وأدب…وحسن تسيير في كل شيء.. ونحن العرب حملة الكتاب والسنة ترغد قماماتنا ببقايا الطعام ..في حين يموت الكثير من فقرائنا من الجوع والحاجة ….لا تعليق لي فعلا ولكنني لم أندهش من شعب أراد وعمل وتحدى كل ازماته الإقتصادية وربى بالأخير أبنائه على الذوق والصرامة… فمتى …نتعظ منهم متى نتعظ؟! نجاة سعيد هاشمي
جريدة وإذاعة سقيفة المواسم الثقافية ثقافية ، اجتماعية ، فنية
