بقلم الدكتور سمير محمد أيوب
شويكه سيدة الحكايات
الجزء الاول من نوافذ على ما قد مضى من العمر.
إنها سلسلة من النوافذ ، احاول عبرفتحها، تقديم شهادات متبصرة على حكايات لم تسقطها الذاكرة، شاركت فيها وحاورت ، اغلى النساء وأعز الرجال، ممن صمتهم بات غيما غير ممطر.
إنها بقايا أحلام عفوية صادقة، تقطعت بها السبل خارج حدود المكان وأطر الزمان. وبقايا صور تقطعت اوصالها، باقية هنا وهناك. وبقايا صحة وتوالي عمر، إدراكُها أو إدراك بعضِها، يشبه تقشير بصلة تُدمِع العين عند فتح طبقاتها العمياء.
مهوى الفؤاد وقلوب الكثيرين من أبناء جيلي، ليست مكانا جغرافيا من سهل وجبل ووديان، وليست شجرا أوحجرا أوبشرا. إنها سيدة الحكاوي، كالحب في أول العمر، كالريح في براري الصمت، إنها قلوب جدات وامهات وعمات وخالات وبنات، تعز على الوصف.
فيها كانت أجمل البدايات، وفيها تفتحت اسئلة الوجود والمعرفة، انها المكان الذي ثقفني وثقف ابناء جيلي، انها المكان الذي تبادلنا فيه البليلة والهريسه والنمورة والمعمول، مع الكتب والدفاتر والحلم والفقر، انها خارطة طفولتنا، بل هي اكثر من كل هذا، إنها شويكه خمسينيات القرن الماضي.
ما ندمت يوما على أنني أنفقت عمري فى حبها، هائما فى طرقاتها، معانقا احجار بيوتها وحيطانها، وأشجار حواكيرها، محاورا مجادلا مستنطقا، فتقبل علي أحيانا، وتدير لى ظهرها عابسة، عازفة عن البوح أحيانا أخرى.
شويكة قرية عظيمة، وانا ارقب تغيرها وتبدلها وتشكلها من جديد، ايقنت انها قرية لا تموت، ولن تصير قبيحة ولا فظة القلب ميتة المشاعر. إنها تسكن اعماق الكثيرين وتشكل احلامهم. تشهد طرقاتها كم مشيت في زواريبها وفيها، أجري فى حبور وأهرول فى شوق. وها أنا اليوم، وقد اثقلت كاهلي السنون، بخطى واثقة أطرق أبواب الماضي بحنين لا يوصف.
عشتها منذ ان وطئت قدماي ترابها عام ،1948 ولدت فوقها ثانية، رضعت وحبوت وانتشيت بسحرها بلا فكاك. ياما تصعلكت في أرجائها، دون أن أبحث عن بديل عنها، او رحيلا.
يتبع