أسألت باكية الدياجي مالها .. محمد عبد المطلب
عبدالرحمن ريماوي
22 أبريل، 2019
شعر من التاريخ
459 Views
أسألت باكية الدياجي مالها
أرقت فأرقت النجوم حيالها
باتت تكفكف بالوقار مدامعاً
غلب الأسى عبراتها فأسالها
تطوي على الآلام مهجة صابر
قطع الزمان بريبه آمالها
فالنجم يخفق عن فؤاد كريمةٍ
رحم السحاب جفونها فبكى لها
تبكي إذا انقطع الأنيس لصبيةٍ
يتضورون يمينها وشمالها
من كل ناعمة الحياة ومترفٍ
ورد الحياة معينها وزلالها
يشكو الطوى فتفيض مهجة أمه
شفقاً عليه وليس يدري حالها
ولأخته عينٌ تحدث أمها
وحياً وقد حبس الحياء مقالها
كلب الشتاء بجسمها فتعطفت
تطوى على خاوي الحشا أوصالها
حتى إذا رقد الأسى بجفونها
وهفا النعاس برأسها فأمالها
خلب الطوى أحشاءها فتفزعت
حيرى تعاني سهدها وملالها
يا ليت شعري هل يقيل عثارها
دهرٌ تولى حربها ونكالها
منذ أجيري على الليالي أسرةً
خطف المنون غياثها وثمالها
أم من يمد يداً لنصر مصونةٍ
بذل الزمان قناعها فأذالها
قذف الصباح بها سبيل بني الندى
لتجير من غلو الخطوب عيالها
ومرزأ ألف النعيم وعيشه
قد ناله من بؤسه ما نالها
متحشع نصب الزمان لكيده
حرباً فراش سهامها ونصالها
تتململ الظلماء تحت همومه
فتكاد تسمع حوله إعوالها
ويود لو وأذ الظلام صبيحةً
تلد المتاعب خفَّها وثقالها
يشكو قصيرات الليالي مثل ما
أهل الصبابة يشكون طوالها
هذا يراقب في الصباح خليلةً
يرجو إذا طلع النهار وصالها
ويخاف ذلك من ديونٍ في غد
وجبت عليه ولا يطيق مطالها
إن الكريم يرى الحقوق ومطلها
داءً إذا لمس الكرامة غالها
وخليلة ما اعتاد في نعماه لو
سألته إلا أن يجيب سؤالها
أبلت يد الأيام نضر ثيابها
فغدت خزانة بيتها سربالها
من بعد ما بذلت لتكشف كربه
بيد السخاء حجوله وحجالها
تبّاً لدنيا ما رعت عهداً له
في ذلك العيش النضير ولا لها
برقت له حتى إذا ظفرت به
جرت عليه ببؤسها أذيالها
ويتيمةٍ شهد الزمان بيتمها
في الحسن لم تلد الحسان مثالها
خرجت من الإسكندرية غدوةً
تزجي إلى أكناف مصر رحالها
حتى إذا وقف القطار بها على
باب الحديد تلفعت أسمالها
وسعت تقلب مقلةً محزونةً
في الذاهبين يمينها وشمالها
حيرى يضيق بها المجال وطالما
فسح اليسار على المضيق مجالها
تقتاد في الطرقات فانية القوى
محنيةً صبغ المشيب قذالها
أربت على السبعين ما لمس الخنا
يوماً مآزرها ولا سربالها
وهناك أبصرها امرؤٌ دنس الهوى
شرب المخازِيَ علَّها ونِهالها
متكلفٌ خلقَ الكريم ببزةٍ
قد خاط من وضر الفجور جلالها
يدعو إلى دار الفسوق نقيةً
عفت وما نقض العفاف حمالها
لما تبينت النقيصة أمها
في حاجبيه تبينت ما هالها
نظرت إلى الوجه الصفيق وأقبلت
غضبى تصك بصفحتيه نعالها
وتولتا والدمع من جفنيها
يبتز ناضجة السحاب سجالها
تتلهب البأساء في جنبيهما
ناراً تحش يد الأسى أجزالها
آدابك يأمل مصر غدت على
خطر إذا لم تقدعوا أنذالها
عمي النهار عليهما فكأنه
ظلمٌ تمد على الطريق سدالها
لولا فتىً جم المروءة أقبلت
تشكو إليه عثارها فأقالها
من مشعرٍ عقدوا ضمائرهم على
حب المرءوة يخطبون جمالها
مدوا لنجدتها أكُفّاً أرخصت
في سوم غالية المحامد مالها
ومضوا على هممٍ إذا قرعوا بها
رتج العظائم فتحوا أقفالها
عاداتها ألا تقصر إن جرت
حتىتنال من الفلاح منالها
نظروا إلى المسكين تنظر عينه
صفو الحياة ولا يذوق بلالها
والناس بين أسير دنيا مترفٍ
ينسيه حاضرها الغرور مآلها
وصريع أموال إذا برقت له
بين الخزائن عن بني الدنيا لها
فتألفوا جمعاً كأن خلالهم
عرف الرياض سرى النسيم خلالها
من كان جياش الفؤاد إذا دفا
داعي المؤاساة انبرى وسمالها
في دولة العباس يحيى ظلها
إحياء مصر جنوبها وشمالها
وعد الإله بلاده في عصره
درك المنى موفورةً فأنالها
رقي الأريكة والبلاد مريضةٌ
تشكو غليه من الخطوب عضالها
ظلمات جهل في مجاهل فاقة
وحوادثٌ تصلى البلاد وبالها
فجثا يصرفها على نهج امرئٍ
خبر الليالي كيدها ومحالها
يرمي مفاصلها بماضي حكمةٍ
بالحزم أحكم والأناة صقالها
وجرى بها نحو المدى مترفقاً
يخشى إذا د المسير كلالها
ما بين عاصفةٍ تموج رياحها
بمشاكل تلوي الخطوب شكالها
طوراً يبين له السبيل وتارةً
يجلو بوضاح النهى أشكالها
حتى استقلت في منازل عزةٍ
تخشى العوادي أن تمر حيالها
كم نعمةٍ يا آل تويقٍ لكم
في مصر تهديها وتصلح بالها
ويدٍ لأم المحسنين وقت يد الر
حمن أم المحسنين وآلها
نسي الزمان بجودها قطر الندى
ولطالما وعت الدهور فعالها
ما أم هارون وما ابنة جعفرٍ
هل كن في يوم الندى أمثالها
سبق السحاب نوالهن على الورى
ولئن سبقن فما لحقن نوالها
فسل الهلاك يجبك عنآياتها
في الغرب إذ هم يرقبون هلالها
وسل الحجاز وأهل بيت اللَه إذ
يحدوا التقى بالمحملين جمالها
لا ذنب للشعراء إن لم يبلغوا
شكراً فواضلها ولا أنفالها
فالدهر يشهد وهو أبلغ كاتب
أن ليس يبلغ كنهها وجلالها
أم إذا نجل العواتك للعلا
فالملك يحمد والعلا أنجالها
عباس للعرش الرفيع وصنوه
يعلى مفاخر مصره وأثالها
غصن نما في دوحة الكرم التي
مد الإله على الوجود ظلالها
لو صور اللَه المكارم ألسناً
والدهر ينشد في الورى أقوالها
لم تلفها إلا بذكر محمدٍ
للناس تضرب في الندى أمثالها
يرد الممالك والملوك ممثلا
من مصر قادة ملكها ورجالها
فترى له في كل مملكةٍ سنا
قمر يضيءُ سهولها وجبالها
يجني لمصر جني الفخار بحكمة
تهدي إلى سبل الرشاد ضلالها
للدين والإيمان منه سريرةٌ
تبني على شرف التقى أعمالها
للبر والإحسان منه راحةٌ
عنها السحاب تعلمت إسبالها
للعلم والعرفان منه عزيمةٌ
عرف الزمان مضاءها فعنا لها
لولا عنايته وبعد مرامه
لعب البلى برسومها فأحالها
Like this:
Like Loading...
Related