يحتاج أدب الأطفال للدراسة قبل النشر بصورة نهائية /أسماء العمري
عبدالرحمن ريماوي 4 غشت، 2021مقالاتالتعليقات على يحتاج أدب الأطفال للدراسة قبل النشر بصورة نهائية /أسماء العمري مغلقة760 Views
نحاول دائماً توفير مكتبة متواضعةٍ للصغار لجعل فكرة القراءة حاضرةً في المنزل وإعطائهم الحرية في إختيار حكايا ما قبل النوم وقد تلقوا مؤخراً هدية تتمثل في مجموعة من القصص المسلية والتي تدور أحداثها في مصر، فتعلموا أسماء المناطق وبعض المواريث السائدة هناك وكانت قصصاً هادفةً ومسلية، لمستُ من هذه التجربة بشكلٍ جديّ كم يحتاج أدب الأطفال للدراسة قبل النشر بصورة نهائية، فهم سيعرفون قطعاً في كل مرحلة عمرية أشياءً جديدة لم يسبق لهم أن كانوا مهتمين بها أو شغلتهم. قرأنا البارحة قصة عقلة الإصبع وهي حكايةٌ خرافية عالميّة ألفها الكاتب شارل بيرو ونُشرت عام 1697 في مجموعة حكايات من الماضي، تتسلسل أحداثها في عائلة حطابٍ فقيرة تنجب سبعة أطفال وُلِد أصغرهم بقامة قصيرة فسموه عقلة الإصبع، يقرر الأبوين في لحظة يأس الخلاص من عبء أبناءهم وذلك بأخذهم للغابة ومغافلتهم وتركهم هناك، ولكن الأطفال يعودون بمساعدة شقيقهم الأصغر عقلة الإصبع فيكرر الأبوين إعادة الكرة ولكن في غابة أبعد، يضيع الصغار ويدخلون كوخاً لغولٍ ضخم له سبعة بنات، يختبؤون لكنه يستدل عليهم بالرائحة ويأكلهم في العتمة ليكتشف في الصباح أنه أكل بناته وأن الأطفال هربوا فيلحقهم بحذاءه القافز العجيب ولكنّ عقلة الإصبع يستطيع سرقة الحذاء منه والخلاص بإخوته لكوخ أبويه مرة أخرى، ثم يعملون عند عمدة المدينة وتنقلب أحوالهم من الفقر للثراء.
تُرجمت هذه القصة للعربية بصياغاتٍ متعددة؛ تفاوت فيها الكتاب المترجمون في حديّة الأحداث أو تلطيفها، إلا أن القصة أوقعتني في مأزقٍ مُخجل فصرت أبتلع بعض الجمل وأنا أقرأ كي لا تصل فكرتها البغيضة للصغار أو تفتح أبواب من الخوف تعبت في صرفِ أنظارهم عنها.
ما الذي سيجعلني أتقبل أن يعرف طفلٌ في الخامسة بإمكانية الإستغناء عنه من قبل والديه، وكيف يستطيع شخصٌ حتى لو كان غولاً أن يأكل أشخاصاً أخرين، كيف يا ترى تعيش بناته معه بمأمنٍ حقيقي، وكيف أكلهن ولم يدري، كيف لم يصرخن أو يحاولن قول أي جملة تنقذهن، ناهيك عن كمية محترمة من التنمر وتقديس المال ودس فكرة الحب المشروط.
إنه لمؤسفٌ حقاً أن يدرك ذلك الطفل كل هذا الألم والخرس وإحتمالية الضياع وحياكة المكائد والرجوع لمكانٍ قذفهُ في العراء، أيُّ ذلٍ سيتسربُ إليه وعلى أي شاكلةٍ ستكون شخصيته لو أخذ هذه الأحداث على محمل خياله الذي سيوصله لواقعيّةِ ما سيكون عليه ذات يوم.