هذا العراق – محمد شنوف

هَذَا العِرَاقُ مِهَادُ الْمَجْدِ لَا كَذِبُ
رَمْزُ الْخُلُودِ وَإنْ حَاطَت بِهِ النُّوَبُ
هَذَا الْعِرَاقُ، فَأيْنَ الْقَوْمُ مِنْ نُجُبٍ؟
حِجْرُ الْعُلَا خَنَسَتْ، تَلْتَاعُ تَكْتَئِبُ
أيْنَ الرَّشِيدُ ومَأمُونٌ وَمُعْتَصِمٌ
أيْنَ الْخَرَاجُ حَياً بِالغَيْبِ يُكْتَتَبُ
عِشْتَارُ نَخْوَتِنَا، هَلْ رِحْمُهَا عَقِمَتْ
حَتّى نَرَى فِي حِمَاهَا الْقُدْسُ تُغْتَصَبُ
أمْرُ العُرُوبَةِ فِي هَوْشٍ عَلَى فَرَقٍ
فِي كُلِّ قَشَّةِ كَيْدٍ خَادِعٍ نَشِبُوا
نَقضُ الهُدَى بَاتَ وَالْإسْفَافُ مَذْهَبُهُمْ
مَا هَمَّهُمْ شَرَفٌ، بَاعُوا وَمَا كَسِبُوا
نَادَيْتُهُمْ عَبَثاً والعَيْنُ بَاكِيَةٌ
لَمْ ألْقَ سَمْعاً وَعَى، أجْسَامُهُمْ خُشُبُ
مَاذَا عَرَانَا رَغِمْنَا نَنْطَوِي وَهَناً
حَتَّى تَسَاوَى بِأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبُ
خَفَّتْ مَوَازِينُنَا فَالْأُمُّ هَاوِيَةُ
لِكُلِّ صَلْيٍ كَمَا الْأَعْوَادُ نُحْتَطَبُ
وَمَا تَوَهَّمْتُ مَسْخاً نَابَ مَسْبَعَةً
أَبْقَارُهَا لَحِمَتْ وَالْأُسْدُ تَعْتَشِبُ
لَا شَرْقَ لَا غَرْبَ أَدْمَنَّا خَدَائِعُهُمْ
اَلْبَعْضُ لِلْبَعْضِ أَعْوَانٌ بِنَا عَصِبُوا
هَذَا الْعِرَاقُ جِهَازُ الْعُرْبَ حَابِلُهُمْ
فِي الْبَأْسِ نَابِلُهُمْ وَالدِّرْعُ وَاللَّبَبُ
غُلْبُ الحَدَائِقِ مِنْ فِرْدَوْسِه انْسَدَلَتْ
تَزْهُو مُعَلَّقَةً مِنْ أَمْرِهَا الْعَجَبُ
مِنْ رَافِدَيْهِ رِوَى الْعِرْفَانِ كَمْ كُرِعَتُ
عِلْماً وَفلْسَفَةً، لله تُحْتَسَبُ
وَكَانَ أَسْبَقَهُمْ لِلْأُفْقِ فِي مَرَسٍ
يَجْتَابُ كَمْ حُجُبٍ بِالْعَزْمِ يَعْتَصِبُ
كَالشَّمْسِ في سَفَرٍ تَطْوِي الْمَدَارَ سَناً
مَا عَـــــــابَهَا قَزَعٌ، مَا مَـسَّهَا لَغَبُ
وَكَانَ إِمَّا كَنَى لِلدَّهْرِ فِي رَغَبٍ
تَطَأْطَأَ الدَّهْرُ مِطْوَاعاً وَيَحْتَقِبُ
هُوَ الْعِرَاقُ وَإِنْ طَالَ الْبَلَاءُ بِهِ
فَالصُّبْحُ نَاظِرُهُ وَالنّجمُ وَالشّهُبُ
هذا العراق – محمد شنوف
جريدة وإذاعة سقيفة المواسم الثقافية ثقافية ، اجتماعية ، فنية
