![]() ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ |
| أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ |
| رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا |
| يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ |
| لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً |
| يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي |
| جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي |
| جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ |
| رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ |
| إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ |
| يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ |
| لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ |
| لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ |
| وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ |
| يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا |
| أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ |
| أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى |
| أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ |
| سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسا |
| وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ |
| مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا |
| اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي |
| السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى |
| يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ |
| القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ |
| وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ |
| العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما |
| أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ |
| المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ |
| عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ |
| الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا |
| أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ |
| مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا |
| لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ |
| يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ |
| إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ |
| وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى |
| يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ |
| يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُ |
| أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ |
| ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ |
| أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ |
| مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ |
| وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ |
| بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ |
| وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ |
| لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى |
| مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ |
| يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ |
| وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ |
| فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ |
| كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ |
| مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ |
| مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ |
| يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها |
| جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ |
| لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها |
| المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ |
| كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ |
| لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ |
| طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ |
| وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ |
| كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ |
| إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ |
| يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها |
| مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ |
| رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما |
| أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ |
| هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها |
| وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ |
| صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ |
| فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ |
| وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ |
| وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ |
| تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى |
| طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ |
| إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ |
| في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ |
| أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى |
| مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ |
| إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ |
| عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ |
| وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ |
| قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ |
| لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن |
| يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ |
| فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ |
| ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ |
| عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ |
| في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ |
| يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ |
| وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ |
| مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ |
| وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ |
| وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ |
| مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي |
| سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً |
| فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ |
| قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ |
| مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ |
| نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا |
| وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي |
| حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ |
| نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ |
| لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ |
| بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ |
| سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما |
| مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ |
| كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما |
| بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ |
| وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما |
| أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ |
| يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ |
| وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ |
| لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ |
| فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ |
| وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ |
| غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ |
| مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها |
| قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ |
| إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها |
| يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ |
| وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها |
| لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ |
| هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ |
| أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ |
| فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها |
| وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ |
| تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ |
| رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ |
| يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ |
| هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ |
| لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ |
| وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ |
| فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ |
| بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ |
| جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ |
| وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ |
| آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ |
| يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ |
| يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ |
| يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ |
| يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً |
| حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ |
| حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ |
| في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ |
| بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ |
| تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ |
| سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ |
| في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ |
| تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ |
| وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ |
| ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ |
| مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ |
| أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ |
| إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ |
| وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ |
| لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ |
| مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ |
| وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ |
| يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ |
| وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ |
| وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ |
| كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ |
| أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ |
| وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ |
| لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ |
| كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ |
| صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ |
| وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ |
| جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ |
| عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ |
| رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ |
| لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ |
| مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ |
| وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ |
| حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها |
| عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ |
| وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ |
| وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ |
| خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما |
| يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ |
| أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت |
| لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ |
| وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ |
| بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ |
| سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً |
| لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ |
| هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا |
| هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ |
| وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ |
| كَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ |
| فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ |
| كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ |
| لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما |
| وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ |
| تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا |
| وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ |
| يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي |
| وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي |
| المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ |
| لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ |
| مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى |
| وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ |
| اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ |
| من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ |
| وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ |
| يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ |
| هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ |
| تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ |
| البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ |
| وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ |
| شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ |
| وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ |
| وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ |
| إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي |
| تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها |
| في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ |
| مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ |
| عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ |
| كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى |
| يُضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ |
| بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ |
| كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ |
| ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً |
| وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ |
| اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ |
| وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ |
| إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ «نَعَم» |
| فَخيرَةُ اللهِ في «لا» مِنكَ أَو «نَعَمِ» |
| أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ |
| وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ |
| وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً |
| فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ |
| قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا |
| لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ |
| جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ |
| فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ |
| لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ |
| تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ |
| وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ |
| ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ |
| سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْ |
| بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ |
| طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها |
| في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ |
| لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها |
| بِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ |
| لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ |
| وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ |
| لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلى |
| لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ |
| جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ |
| إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ |
| أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍ |
| فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ |
| عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ |
| حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ |
| دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْ |
| وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ |
| لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ |
| ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ |
| تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ |
| في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ |
| بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌ |
| لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ |
| أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ |
| وَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ |
| مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها |
| تَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ |
| عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ |
| للهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ |
| مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍ |
| شَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ |
| لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى |
| بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ |
| بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْ |
| مِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ |
| كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ |
| مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ |
| لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما |
| تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ |
| شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها |
| عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ |
| يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها |
| كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ |
| غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى |
| وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ |
| نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها |
| تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ |
| يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى |
| حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ |
| لَمّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ |
| مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ |
| وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً |
| رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ |
| كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها |
| في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ |
| لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا |
| مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ |
| سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ |
| وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ |
| ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ |
| إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ |
| لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ |
| وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ |
| نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا |
| عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ |
| دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا |
| كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ |
| وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِ |
| هَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ |
| وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ |
| في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ |
| دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْ |
| دارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ |
| ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍ |
| وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ |
| وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها |
| عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ |
| مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْ |
| تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ |
| وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ |
| فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ |
| يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا |
| مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ |
| وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ |
| وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ |
| خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ |
| فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ |
| مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً |
| وَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ |
| وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًا |
| بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ |
| الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ |
| وَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ |
| أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ |
| يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ |
| وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُها |
| عِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ |
| جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما |
| جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي |
| وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ |
| بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ |
| بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ |
| أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ |
| وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ |
| في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ |
| يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُ |
| في أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ |
| لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ |
| ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ |
| يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى |
| نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ |
| مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها |
| إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ |
| مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً |
| ضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ |
| رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا |
| وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ |
| وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ |
| جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ |
| بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ |
| شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى |
| وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً |
| في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ |
| الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْ |
| ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ |
| الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ |
| الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ |
| يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها |
| وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ |
| سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ |
| تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ |
| رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ |
| أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ |
| فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا |
| وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ |
| يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ |
| فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ |
جريدة وإذاعة سقيفة المواسم الثقافية ثقافية ، اجتماعية ، فنية

