كانت لأم الجميع – نصير الريماوي

كانت لأم الجميع
شعر: نصير أحمد الريماوي
في خاطري قصة
دعني هنا، أرويها لكم
وفي النفس غُصَّة
غايتها فضح من أجرموا
كلهم أنجاس وخسة
كنّا نجوب الجبال مرةً
كانت وديعة* وهذا اسمها ترعى الغنم
بين المضارب شيّدت الخِيم
عاشت سعيدة ولم
للنائبات تنحني وتبدي الندم
سعيا إلى الرزق مُجبرة
شاهدت على محياها حباً للحياة
وفي ثوبها سِرّ دفين
يحكي تراثا مضت عليه سنين
ورمز لهوية شعب فلسطين
الذّقن موسوم بوشم
تعلوه رسوم لسنابل
الجيد يطوِّقه الحنين
وقد طوقت راسها بالصفَّة**
وشدت على خصرها مئزرا
يلتف من حوله شداد***
كالنمر تمشي بِخفَة
تختال في سيرها
كمثل الطاووس في سحرها
تعطي الورى مجدها
أشياءها، هذا أنا
من حولها قُطعانها
مسرورة في رعيها
نشوانة من لحنها
إذ تردد عزفها
باقة سنابل تلوح في كفِّها
وفي الكفة الأخرى نايها
تعزف لحنا ممتعا كلما
اشتد عليها الأوار عندما
تتعامد الشمس في سمائها
هشّت على قطعانها بالعصا
من حولها الأوفياء يحرسونها
يرصدون بعيونهم أحوالها
يذودون عنها عند الخطر
في الليل والنهار والمطر
إحدى الليالي أيقظها نباح كلب
فصحت مذعورة وهي تشاهد
من حولها لص زعيم الوراسة****
صاحت فيه : دعني وشأني وانصرف
يا ماكر ياغدار
يا ناهب ما في الدار
على جانبي رأسه تدلت خصلات شعر
غزيرة كذيل الحمير
راكضا نحوها للصيد الوفير
وفي عينيه شرٌ مستطير
وبرفقته عصابة لصوص
هاجموا المخيم وهدموه
وبعثروا الأثاث واحرقوه
وبحثوا عن الذهب وصادروه
حتى النقود و الأغنام لم يتركوا
واستولوا على كل ما وجدوه
لم يرحموا منهم فردا
وهجَّروا الكل في الظلام عمدا
حتى المضارب أحرقت
وبيوتهم بلا رحمة دمرت
صادروا كل شيء
وتناوبوا على تعذيبها
مجروحة هامت على وجهها
بين الجبال والوديان والهضاب
تحمل الأطفال على ظهرها
فَلْذَات كَبِدها وجلّ هَمّها
تذرف الدموع كالبُركان
وقد أضحت بلا مأوى بلا خِلان
لم يعد لها ما تملك كي تعيش
ضيعوا أحلامها عصابة من الوحوش
وأجهزوا على جنّة أم الجميع
ولم يسلم من شرهم الرَّضيع
من يملك الأرض لن يضيع
راسخ فيها ويأبى الخنوع
نصب عينيه الحُلم بالرجوع
تحف دربه الآلاف من الشموع
حتما يطل الفجر ويمعن في السطوع
________26/7/2025م
*وديعة: الاسم هو، رمز للمرأة البدوية الفلسطينية المكافحة من أجل الوجود,
. ** الصّفّة: غطاء للرأس عند الفلسطينيات مصفوف بالدراهم الفضية.
*** الشداد: زنار من الفضة أو طوق فضي يشد على وسط الجسم.
**** الوراس: أحد أسماء الذئب عند العرب
-. المناسبة: الاعتداءات المتكررة للمستعمرين الصهاينة على مضارب البدو في فلسطين، وترحيل(38) تجمعا بالقوة، وقد بلغ عدد اعتداءاتهم خلال العام الجاري (1444) اعتداءً.

عن Abdulrahman AlRimawi

شاهد أيضاً

نومُ المهانة – د. عزام عبيد

نومُ المهانة - د. عزام عبيد نمنا، والأقوامُ متيقّظونْ ولنائمِ الفكرِ الكليلِ لا يمرُّ عليهِ قَلمٌ، ولا يجيءُ عليهِ ميزانُ الجزاءْ لكنَّ أزمنةَ الخمولِ تخلّتْ عن عهودِ النائمينْ، وبرئتْ من كلِّ وعدٍ وانتماءْ

تنويه تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: