عندما يصمت الشعر- د. وجيهه السطل
هل يستطيعُ الشعرُ أنْ يتكلَّما
أم يستطيعُ المرءُ ألّا يعلما
الريحُ تعوي والبروقُ لوامعٌ
وسيولُ أمطارٍ أبتْ أن ترحما
فتعضُّ أطفالًا أوَوْا في حَيْرةٍ
لرفاتِ بيتٍ قد هوى
وتهدَّما
والكلُّ ينتظرُ العدوَّ بلهفةٍ
ليسدِّدَ الأهدافَ، يُحصي ما رمى
****
أحقادُنا كم مرةً نرمي بها
أرواحَ أبطالٍ لكي تتحطَّما
ونقولُ في هُزءٍ لنُخفيَ نقصَنا
قد كان عندَ الحربِ يرجو مَغنَما
هذي الضغائنُ كمْ تُمزِّقُ أنفسًا
لا ترتضي ذلًّا ولنْ تستسلِما
بَشَرٌ نسُوا أن النضالَ ضريبةٌ
تُجْبى إلى الأوطانِ كي تتقدَّما
وتجاهلُوا أن الشعوبَ بأسرِها
منذ القديمِ تعاهَدتْ أن ترجُما
مَنْ جاء مُحتلًّا لها مُستَعمِرًا
وتردَّهُ عن أرضِها مُسترحِما
****
هذي فلسطينٌ تباعُ وتُشترى
وحقوقُنا ضاعَتْ وصارت كالدّمى
مثلٌ تموتُ وكلُّ يومِ ينقضي
يرنو إلى الماضي ليلقى بلْسَما
حين التقينا بالغزاةِ نصُدُّهم
وبوَحدةٍ كان اللقاءُ محتَّما
وحشودُهم وعتادُهم لم نخْشَها
كنا جحيمًا في الوغى وجهنَّما
فلننسَ أحقادًا نعيشُ بظلِّها
ولنسمعِ الأصواتَ تخترقُ السما
هذي زغاريدُ السلاحِ تحثُّنا
فلنتركِ العبَثَ الملولَ لنفهَما
ويلٌ لنا إنْ قيلَ هذا ذنبُهم
والويلُ كلَّ الويلِ ألا نُسهِما
دمشق/١٩٦٣م
في ذكرى العدوان الثلاثي على مصر
من كنز الذكريات.