عمان من شباك عمارة .. بقلم الدكتور هاشم الزيود
تتحدثون عن عمان وكأنها فقط لاندكروز أو ملهى ليلي، أو فتيات ليل أو عراك زعران وأصحاب سوابق، تعالوا أحدثكم عن عمان من شباك العمارة التي قررت الانتقال مجدداً للسكن فيها، وهي عمارة تتكون من ١٦ شقة ، أقل ما يمكنني وصفها بأنها تختزل الأردن في بناية، بعد أول يوم لي في الشقة ثلاثة من الجيران و بأوقات متقاربة كلما مر أحدهم بي سألني بإستغراب (حضرتك شو بتساوي هون، مين أنت… ؟؟) إحدى التنبيهات جاءتني من سيدة حتى الآن لا أعرف من هي ولم ألتقيها مجدداً ، ومع بدء التصليحات بدأت أتعرف على الجيران والمعرفة بدأت بفنجان قهوة، ثم صحن تين وعنب، ثم قهوة وشوكلاته، ثم مناقيش زعتر، ثم حمص وفول وفلافل… ومنهم من أكرمني في بيته وجاد من الموجود وكرر في كل مرة أشكره بها (والله مقصرين يا جار) استمر الخير يتدفق طوال فترة العمل بالشقة، سواء كنت موجود أو فقط العمال لوحدهم، فإكرامهم للعاملين في شقتي كان إكرام لي ، كان الكل حريص على جودة العمل وبعضهم تدخل وأبدى ملاحظته ووجه الشغيله وكأنهم يعملون عنده، حرصوا على توصيل الماء والكهرباء بغيابي ودفعوا المبالغ اللازمة للتوصيل، عرفت لاحقا أنه عندي جار من الشمال من لهجته الحميمة، وآخر من قلب الجنوب قبلتنا ومصنع رجالنا، وثالث من فلسطين القرية بطيبة أهلها، ورابع أيضا من فلسطين المدينة بأناقتهم وحلو لسانهم ، وخامس عماني من عمان لطيف كلطفها ، فسيفساء جميلة في عمارتنا، كلما سأل سائل يرغب بالسكن ، مستأجر أو مالك ، كانت الإجابة من الجميع (أسكن وأنت مغمض ، جيران ما تشتريهم بالذهب ) في احدى المرات تركت باب الشقة الخارجي مفتوح وذهبت لأقرب بقالة خلال خمس دقائق تلقيت ثلاث اتصالات تنبهني أن باب الشقة مفتوح، وينك يا جار؟ باب شقتك مفتوح وسيارتك مش هون.
هذه عمان التي نعرف لا عمان التي تعرفون و تحرفون، عمان مثل الأم (تلم) حنونه فيها كل ما تبحثون عنه فقط أعرفوا أين تبحثون ، كنت أرغب أن أذكر اسم كل جار من جيراني ولكن خفت أن أزل في اسم أحدهم أو كنيته أو أن أضيع له أجره الذي نواه بينه وبين ربه ولكن لهم مني في ظاهر الغيب وأنا بعيد عنهم دعوة مسافر ( أن يحفظهم وعائلاتهم من كل شر وأن يديمهم صور لعمان الجميلة مهاجرين وأنصار )