جريدة وإذاعة سقيفة المواسم الثقافية ثقافية ، اجتماعية ، فنية
الوداع المر
شعر : معاذ العالم
يا دار لا تبكي على اللي هاجر وغاب
وصارت حجارك من بعد الغياب تنوح
وبعدك في غربتة ما هدي ولا ارتاح
ولا طيفك فارق عيونه وبات مجروح
ومن بعدك صارت حياته عذاب وجراح
ومن وجع قلبه بيقضي الليل مذبوح
يا هل ترى بعدها الصواني بالزاد مليانة
وبابك لضيف الله في الصبح مفتوح
وبعدها بزيت الزيتون القراص* غرقانة
وبعده خبز الصبح من طابوننا مشروح
وابريق الشاي معطر بالميرامية والنعناع
مثل قلوبنا عجمر النار بينوح
وبعدها المواسم يا ترى بالخير حليانة
والقمح بخوابيكي* متلتل ومطروح
وفي جنينتك بعده بيزهر الليمون
والعطر منه في الصباح بيفوح.
وبعدها البيوت اللي بنيناها صغار
ام يا ترى محاها الزمان جدران وسطوح
وبعدها ملاعبنا بالسهل تشتاق
لصياحنا ونحنا في عمر الورد بنسوح
وبعده ابو عصمت ورا المحراث بيجود
بالميج والاوف والعتابا بصوت مبحوح
وبعدها شجرة الزيتون اللي في ظلها كنا
انا وبيي نرتاح بعد الغدا قبل ما نروح
نقطف عناقيد العنب وحبات تينتنا
بعد ما استوى وتحت الشمس صارمسطوح
وبعده ابو سليمان ببسرح العنزات
ويسقينا منها الحليب بالكاس مسفوح
وبعدها امي الغالية بتفيق عابكير
تتفقد الطابون تتجهز فطور الصبوح*
وتعلف الجاجات في القن جوعانين
وتسكب المي للعنزات من العطش بتجوح
وبعده والدي بيجهز السلات عابكير
وزوادته عاجنبه بوقت الفجر بتلوح
وانا وخيي من وراه بنسابق الخطوات
وهو بعزيمة شباب وهمة وصدر مفتوح
وبعدها جرة الفخار بالمي مليانة
جوا العريشة للندى همها بتبوح
ترى يا دار راح نرجعلك فيوم ونعود
نعمر الساحات بدبكة وعتابا ترد فينا الروح
وترجع مروجك بمواسم الخير مزينة
ويرحل عن بوابك ظلام الليل ويروح
ونرجع بأحضانك كطفل صغير نرتاح
ويكفينا مواجع خلفها الزمان وجروح
* الصبوح بتشديد الصاد) وجبة الصباح
* القراص: أقراص الزعتر والنعناع البري والسبانخ
* خوابيكي: صوامع لتخزين الحبوب يصنعها الفلاحون من الطين والقش
