الحافلة .. بقلم لطيفة عيسى
عبدالرحمن ريماوي
16 شتنبر، 2019
قراء
415 Views
طوابير الحافلات كما طوابير البشر .. كم هى مملة لم تزل تلك الحافلة تنتظر متوسطه 10 حافلات او ربما اكثر بقليل او كثير غير مهم فأمرنا و تلك الصناديق المعدنية لم يكن بيدنا نحن ركاب تلك الحافلة …
ملل مغيظ حد البكاء يتسلل من تلك الاشياء الصماء الى اجسادنا ليشطرها نصفين يتجاذب كل منهما احاديثا ونقاشات لا تفضي الى أى شئ سوى مزيدا والمزيد من الانشطارات حتى يصبح الجسد مئات الاجساد ولكل جسد منها عقل يستنتج وهو من يقرر ..
على تلك البقعة الحدودية بين جسر الملك عبدالله وجسر اللنبى ( الفاصل أو الواصل بين الاردن وفلسطين ) تصطف حافله يئن هيكلها فينتقل انينها الى كل الكائنات التى تقبع كدمى فى محل لبيع قطع من التراث على تلك المقاعد المتهالكه …
يتصدر تلك الواجهة شخص لا يقود سوى حافلة …. ساعات مضت 5 بل 6 وما زالت تلك العجوز تحدق من خلال نافذة الحافلة .. شيئا ما اشعرنى بالرضا .. فزجاج نافذتها نظيف وكأن من قام بتنظيفها بعنايه قد اطلع على الغيب ربما تيقن أن تلك العجوز ستحظى برفقه خلف الزجاج ….
كيف تتسلل اسأله وتعقبها اجابات هى تابعه لها وجودا وعدما حين ينفرد فينا ضميرنا … هل هى من اهل البلاد ؟ هل كانت من أهلها فلم تعد الآن وللان ؟؟ كم جميله خطوط وجهها الذى ناهز الثمانين .. فى كل خط منه رأيت طفله تنبعث منها طيبه ونقاء مؤلم … مؤلمه طيبتها التى أودت بها الى مقاعد تلك الحافله ……( هل تريدين شيئا يا جدتى ؟ )…. …. … التفتت الى … لا يا بيتى الله يرضى عليكى … (هل انت عائده الى البلاد يا جده ؟ ) ….. يكاد ثوبها المطرز بالوان البلاد يسخر منى ومن ذلك السؤال الغبى فعطر فلسطين ما زال يفوح منه رغم الوانه الباهته …. لا يا بنيتى انا اتيت للزياره … ( هل لك اهل وابناء هناك ؟ ).. نعم لى ابن وحيد ما زال فى البلاد … كم شعرت بدفئ يسرى بقلبى وكأن شمس حزيران لم تكن تذيب جسد تلك الحافله وجسادنا .. اذا هى ليست ولن تكون لوحدها هناك …. ( اين يسكن ابنك يا جدتى ؟) .. ما زال حيث ودعته سنه 1967 بالخليل فى حى اسمه العروب ………… شعور غريب حينما نصادف نساءا تخبرنا ارواحنا أنهن امهاتنا فى جسد آخر فيقودنا حنين جارف الى الالتصاق بكل شئ فيهن …..( اما زال يسكن نفس المكان منذ غادرته ؟ ) ……. اشاحت بنظرها وكأنها تبحث عن مكان فى ثوبها لغصن أخضر لم يكتمل تطريزه منذ عقود وقد احزنها ما اكتشفته ….تلتفت الى بنظره افقدتنى ما فقدته تلك العجوز … لا اعلمه …… … تجيبنى :- اه يا بنيتى ليتنى بقيت معه لقد اجبرت على تركه هناك ولكن ابنى رجل لم ولن يجبروه …. فالشهيد يا بنيتي لا يغادر منزله
Like this:
Like Loading...
Related